الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

"ظل الاسد" كتاب عن "شيندلر الإيراني" الذي أنقذ يهودا من النازيين

2011-12-22

"ظل الأسد" عنوان كتاب جديد يكشف عن أن الآلاف من اليهود الإيرانيين يدينون بحياتهم للدبلوماسي الإيراني عبد الحسين سرداري، الذي خاطر بكل شيء لينقذ مواطنيه اليهود الإيرانيين من بطش النازيين.

وكانت إليان سيناهي كوهانيم في السابعة من عمرها عندما هربت مع عائلتها من ألمانيا. وتتذكر كيف كانت تمسك بدميتها المفضلة وهي ترقد على الأرض متظاهرة أنها نائمة، عندما كان يتوقف القطار الذي تقله بأي نقطة تفتيش تابعة للنازيين.

وتقول: "أتذكر كافة الأماكن، ووقت هروبنا. كانوا يسألونا عن جوازات سفرنا، وأتذكر والدي وهو يسلّم إليهم جوازات السفر وهم يفحصونها. وبعد ذلك نظروا إلينا. لقد كان ذلك مريعا، كان مريعا للغاية".

وكانت كوهانيم وعائلتها ضمن عدد قليل من اليهود الإيرانيين الذين يعيشون داخل باريس والمناطق المحيطة بها.

وكان والدها جورج سيناهي تاجر أقمشة ثري، وكانت العائلة تعيش في منزل كبير مريح في مونمارسي ، على بعد 25 كيلومترا شمال العاصمة الفرنسية.

"رعب"

وعندما قام النازيون بغزو البلاد، حاولت عائلة سيناهي الهرب إلى طهران، واختبأت لفترة في الريف الفرنسي قبل أن تضطر للعودة إلى باريس، التي كانت حينها تحت سيطرة الغستابو.

وأضافت كوهانيم التي كانت تتحدث داخل منزلها في كاليفورنيا: "اتذكر أسلوبهم، وطريقة مشيهم مرتدين أحذية سوداء. كان مجرد النظر إليهم في ذلك الوقت شيئا مريعا بالنسبة لأي طفل فيما أعتقد".

وكما هي الحال مع آخرين من اليهود الإيرانيين، طلب سيناهي العون من رئيس البعثة الدبلوماسية الإيرانية في باريس عبد الحسين سرداري. واستطاع الأخير أن يعطي عائلة سنياهي جوازات السفر والأوراق اللازمة لمرورهم بأمان عبر المناطق التي احتلها النازيون، وانطلقوا في رحلة استغرقت شهرا وسط مخاطر جمة.

وتقول كوهانيم: "كان والدي يرتعد عند نقاط الحدود"، ولكنها تستدرك مؤكدة أنه كان في الوقت نفسه "رجلا قويا" أعطى العائلة "ثقة كبيرة في أن كل شيء سيكون على ما يرام."

بطل غير محتمل

عاشت كوهانيم، التي تبلغ من العمر حاليا 78 عاما، العقود الثلاثة الماضية في كاليفورنيا مع زوجها المصرفي الناجح ناصر كوهانيم. وتدرك جيدا أنها تدين بحياتها وحياة شقيقها الأصغر كلود لسرداري.

وتقول: "أتذكر أن والدي كان يقول دوما أنه تمكن من الخروج بفضل سرداري." وتضيف: "كان اعمامي وعماتي وأجدادي يعيشون في باريس، وبفضله لم يلحق بهم أي أذى." وتقول: "من لم يذهب إليه أخذوهم ولم يسمع أحد عنهم مرة أخرى".

وتقول عن سرداري إنها تعتبره مثل أوسكار شيندلر، الألماني الذي أنقذ أكثر من 1000 يهودي خلال الهولوكوست من خلال تعيينهم في مصانعه.

دعاية النازي

يرسم المؤلف فاريبورز مختاري في كتابه "ظل الأسد" صورة سرداري كشخص عازب يعيش حياة رغيدة، ثم وجد نفسه فجأة على رأس بعثة دبلوماسية إيرانية مع بداية الحرب العالمية الثانية.

ومع أن إيران كانت تتبنى موقفا محايدا، إلا أنها كانت حريصة على المحافظة على علاقة تجارية قوية مع ألمانيا. وكان ذلك يناسب هتلر. ووصفت ماكينة الدعاية النازية إيران بأنها دولة آرية تشبه الألمان من الناحية العرقية.

ولكن كان اليهود الإيرانيون في باريس يواجهون مضايقات واضطهاد، وكان بعض المخبرين يبلغون السلطات عليهم.

وفي بعض الحالات، كان يتم إخطار الغستابو عندما كان يتم ختان لأطفال يهود في المستشفى. ووجهت أوامر إلى الأمهات ليذهبوا إلى مكتب الشؤون اليهودية لتوضع عليهم العلامات الصفراء التي كان يضطر اليهود لوضعها على ملابسهم ولتحمل أوراقهم خاتم الهوية الخاص بهم.

واستخدم سرداري نفوذه وعلاقاته بالألمان ليحصل على إعفاءات من القوانين العرقية النازية لأكثر من 2000 يهودي إيراني، مبررا ذلك بأنه ليس لديهم صلة قربى باليهود الأوربيين.

وكان قادرا على مساعدة العديد من الإيرانيين، بما في ذلك أعضاء الجالية اليهودية، ليعودوا إلى طهران من خلال إصدار جوازات سفر إيرانية لهم تمكنهم من السفر عبر أوروبا.

وأدى تغيير النظام الحاكم داخل إيران عام 1925 إلى طرح جواز سفر جديد وبطاقة هوية لم تكن لدى الكثير من الإيرانيين المقيمين في أوروبا. كما لم يرغب آخرون، ممن تزوجوا من غير إيرانيين، في الحصول على جوازات إيرانية لأطفالهم أو أبنائهم.

وعندما قامت بريطانيا وروسيا بغزو إيران في سبتمبر/أيلول 1941، أصبحت المهمة الإنسانية التي يقوم بها سرداري أكثر خطورة. ووقعت إيران على معاهدة مع الحلفاء وطلبت طهران من سرداري العودة إلى أرض الوطن في أسرع وقت ممكن.

وبعد ترك المنصب وتجريده من حصانته الدبلوماسية، اختار سرداري البقاء في فرنسا والاستمرار في مساعدة اليهود الإيرانيين باستخدام أموال ورثها للحفاظ على استمرار عمل مكتبه، وكان في ذلك مخاطرة كبيرة على حياته.

والقصة التي ذكرها للنازيين في سلسلة من الخطابات والتقارير: أن الامبراطور الفارسي كورش حرر منفيين يهود في بابل عام 538 قبل الميلاد وأنهم عادوا إلى أوطانهم.

وقال للنازيين في مرحلة لاحقة ان عددا قليلا من الإيرانيين بدأوا يجدون تعاليم النبي موسى جذابة، وأن هؤلاء ليسوا جزءا من العرق اليهودي.

وباستخدام مهاراته في المحاماة، استفاد من تناقضات وحماقات الأيديولوجية النازية ليحصل على معاملة خاصة لمن باتوا يعرفون باتباع النبي موسى، مثلما جاء في كتاب مختاري الجديد.

وأجريت تحقيقات داخل برلين، شارك فيها خبراء ليعطوا رأيهم فيما إذا كان هذا العرق الإيراني يهوديا أم لا، ويشير الكتاب إلى أن ذلك كان بناء على تدخل من سرداري.

ولم يكن الخبراء مهتمين بالأمر، وطلبوا المزيد من التمويل كي يتسنى لهم اتمام بحثهم.

وفي ديسمبر/كانون الأول 1942، وصلت طلبات سرداري إلى أدولف إيتشمان، النازي البارز الذي كان مسؤولا عن شؤون اليهود.

ولكن تمكن سرداري بصورة ما من الاستمرار في مساعدة العائلات على الهرب من باريس، في وقت تم ترحيل ما يقدر بـ100,000 يهودي من فرنسا إلى ما يعرف بمعسكرات الموت.

وتقدر جوازات السفر الفارغة في خزانة سارداري ما بين 500 إلى 1000 جواز سفر. ويقول مختاري في كتابه إنه إذا كان صدر أي واحد منها لشخصين أو ثلاثة "ربما ساعد ذلك على إنقاذ ما يصل إلى 2000 فرد."

ولم يطلب سرداري يوما أي مقابل نظير العمل الذي قام به، بل كان يؤكد أنه فعل ما يمليه عليه الواجب. ومات وحيدا في شقة صغيرة في منطقة كرويدن بجنوب لندن عام 1981، وذلك بعد أن خسر معاشه كسفير وعقاراته في طهران خلال الثورة الإيرانية.

وفي عام 2004 حظي بالكثير من التقدير نظير ما قام به في احتفالية أقيمت بمركز سيمون فيزنتال في لوس أنجليس.

ويأمل مختاري بسرد حكايته استنادا لشهادة من نجوا من النازيين، ومن بينهم كوهانيم، ان يروي قصة سرداري لجمهور أوسع وتبديد "تصورات شائعة خاطئة" عن إيران والإيرانيين.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق