الأحد، 30 أكتوبر 2011

المعتقلون الفلسطينيون.. معاناة بانتظار الفرج!!

image

(كل الوطن، بيروت، هيثم أبو الغزلان): تختصر قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي عذابات الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه تُبرز إلى العلن أيضاً الهمجية الإسرائيلية التي لا تقيم للأعراف الإنسانية وزناً، بل وتضرب بها عرض الحائط.
ومن الواجب تسليط الضوء على قضية أولئك الذين يعانون الأمَّرين جراء ممارسات سلطات الاحتلال سواء عند الاعتقال وما يرافقه من تكسير للأبواب، وضرب وترويع للأطفال والنساء، أو خلال فترة التحقيق، أو خلال وجود الأسير في المعتقل، وما يرافق ذلك أيضاً من ممارسات ليس أقلها: حرمان المعتقل من العلاج، وقلة الطعام، بالإضافة إلى العزل...
       ولكن، وعلى الرغم من استمرار إسرائيل في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، إلا أن ذلك لم يثنه عن الاستمرار في المقاومة والصمود الرائع. وإن المعارك التي يخوضها المعتقلون الفلسطينيون هي عنوان  جديد من عناوين الحرية والبطولة التي ستزهر فجر الحرية، ولذلك فإن قضية المعتقلين، وعذاباتهم، تبقى جرحاً مفتوحاً لن يغلقه إلا زوال الاحتلال عن الأرض الفلسطينية كلها...
وبدأ كافة المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في سجون وزنازين الاحتلال الصهيوني إضرابا مفتوحاً عن الطعام فجر يوم الثلاثاء السابع والعشرين من أيلول 2011، في صرخة تحد عالية الصوت والإرادة في وجه سياسات الاحتلال وأجهزته الفاشية وفي مقدمتها إدارة مصلحة السجون، وفي مسعى لإنهاء العزل الانفرادي، ووقف سياسة الإهانة والإذلال، ومن اجل وقف سياسة المنع التعسُفي لزيارات الأسرى من قبل ذويهم.
        وحتى يتحقق التحرير لا بد من العمل للإفراج بكل الوسائل الممكنة عن هؤلاء المعتقلين. فمن المعروف أن إسرائيل لم تفرج عن ألوف المعتقلين إلا بعد اختطاف واحتجاز جنود صهاينة. وهذا يعني ان استخدام القوة والضغط على هذا العدو هو الذي يؤتي أكله، ولنا بتجارب المقاومة الفلسطينية سابقاً عدة تجارب استطاعت من خلالها الإفراج عن آلاف المعتقلين الفلسطينيين، وكذلك تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان التي فرضت على العدو أقسى الشروط إذلالاً له وخضع لها.


الفئات التي يطالها الاعتقال
          تطال الاعتقالات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية مختلف الأعمار، فهذه القوات لا تميز بين صبي أو امرأة أو شيخ أو عجوز. وتعتبر منظمة (هاموكيد) الصهيونية على لسان المحامي تامار بيليغ، أن الاعتقال الإداري يشكل جزءاً من الترسانة «القانونية» التي وُضعت لسحق الفلسطينيين.
        وتؤكد المنظمة الصهيونية نفسها، أنه من أصل 954 فلسطينياً يخضعون للتوقيف الإداري، يوجد 544 موقوفاً «بطريقة غير قانونية» في معتقل أنصار 3 في صحراء النقب لمدة ثلاثة أشهر في المتوسط.
كما يوجد 200 طفل أعمارهم أقل من 18 عاماً، وأكثر من 50 أسيراً أعمارهم تزيد عن 50 عاماً، وحوالي 20 معتقلاً معتقلون منذ 25 عاماً.
        وتشير التقارير إلى أن أكثر من (800) ألف فلسطيني قد اعتقلوا أو تم توقيفهم منذ العام 1967، بكافة المناطق الفلسطينية المحتلة. واليوم يقبع في السجون الإسرائيلية ما يقارب أحد عشر ألفا ومائة وتسعة أسرى؛ منهم حوالى (800) من قطاع غزة، و(500) من القدس والأراضي المحتلة عام 1948، والباقي من الضفة الغربية المحتلة، كما يبلغ عدد المعتقلين من الأطفال حوالى (400)، و (33) معتقلة، و (16) نائباً من أعضاء المجلس التشريعي، وبضع مئات من الأسرى العرب الذين التحقوا بصفوف المقاومة في فلسطين.
          ووفق تقرير صادر عن مركز الإحصاء الفلسطيني فإن من بين المعتقلين منذ العام 1967، يوجد قرابة 12 ألف مواطنة وعشرات الآلاف من الأطفال، ولم تقتصر الاعتقالات على الأحياء فقط، وإنما شملت الأموات، حيث لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز عشرات الجثامين لشهداء وشهيدات استشهدوا خلال انتفاضة الأقصى ولمئات الجثامين لشهداء استشهدوا في السنوات التي سبقتها. 
          ووفق الإحصاء الفلسطيني فإنه منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر / أيلول 2000، سُجلت أكثر من 70 ألف حالة اعتقال، بينهم قرابة 8 آلاف طفل، وعشرات النواب ووزراء سابقين، وأكثر من عشرين ألف قرار اعتقال إداري ما بين اعتقال جديد وتجديد الاعتقال، و850 مواطنة منهن أربع أسيرات وضعن مولودهن داخل السجن خلال انتفاضة الأقصى، وجميعهن تحررن من الأسر... 
         كما استشهد منذ العام 1967 أكثر من 200 أسيرا داخل السجون، نتيجة التعذيب و الإهمال الطبي والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، أو إطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون، من هؤلاء الشهداء 70 معتقلاً استشهدوا نتيجة التعذيب و51 معتقلاً نتيجة الإهمال الطبي و 74 معتقلاً نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، و7 أسرى استشهدوا نتيجة إطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون...

الأوضاع الصحية
          كثيراً ما تحذر الجمعيات الحقوقية من استمرار تردي الأوضاع الصحية للمعتقلين في معتقلات الاحتلال.
         وجاء في عدد من التقارير الصادرة عنها أنه يوجد حالات مرضية صعبة وطارئة تحتاج للعلاج خارج المعتقل، بالإضافة إلى أن عدداً من الأسرى مهددون بالشلل وفقدان أعضائهم نتيجة الإهمال الصحي الكبير الذي تضاعف مؤخراً.
         وغالباً ما يحتج المعتقلون على الهمجية الإسرائيلية، بإعلان الإضراب المفتوح عن الطعام احتجاجاً على ظروف الاعتقال المميتة، والتي يتعرض فيها المعتقلون إلى التعذيب المنهجي والحرمان من أبسط الأمور الحياتية.  
         ومؤخراً بدأت إدارة مصلحة السجون الصهيونية "الشاباس" بشكل فعلي في تطبيق خطة للتضييق على الأسرى الفلسطينيين في ظروف حياتهم داخل السجون الصهيونية.
وتتضمن الخطة التي تحدثت عنها صحيفة "معاريف" الصهيونية، وقف التعليم الأكاديمي للأسرى ومنعهم من تقديم امتحانات الثانوية، بالإضافة إلى تقليص عدد القنوات التي يمكن متابعتها عبر التلفزيون، وتحديد نوعية الطعام الذي يصل للأسرى.
       وقرر "الشاباس" تقليص عدد القنوات التلفزيونية التي يمكن للأسرى مشاهدتها إلى عشر قنوات، وهي: أربع قنوات إسرائيلية الأولى والثانية والعاشرة وقناة 33، إلى جانب قناتين باللغة الروسية، وأربع قنوات باللغة العربية منها قناة روتانا.
        وقامت مصلحة السجون الصهيونية خلال الأشهر الماضية بتشديد حملتها ضد الهواتف المحمولة في السجون، وقامت بشن حملات تفتيش ليلي والعبث بأغراض الأسرى والتشويش عليهم.

أبرز أساليب التعذيب
      يمارس الإسرائيليون أبشع أنواع التعذيب بحق المعتقلين. وكانت منظمة "بتسليم" الإسرائيلية قد أكدت في تقرير لها أن الشاباك يستخدم أكثر من 105 وسيلة للتعذيب، ومن هذه الأساليب المتبعة بشكل منهجي:
ـ تغطية الوجه والرأس بكيس قذر...
ـ حرمان المعتقل من النوم لفترات طويلة...
ـ استخدام الشبح: وذلك بجعل المعتقل يقف أو يجلس في أوضاع مؤلمة للغاية ولفترة طويلة مقيد اليدين.
ـ الضرب المبرح: «الصفع، والركل، والخنق، والضرب على الأماكن الحساسة، والحرق بأعقاب السجائر...».
ـ حرمان المعتقل من الطعام إلا بما يبقيه حياً...
ـ إحداث حالة من الضجيج العالية، وغالباً ما تكون موسيقى صاخبة.
ـ وضع المعتقل في زنزانة ضيقة لا يستطيع فيها النوم، أو الجلوس، أو الوقوف بشكل مريح.
ـ يهدد رجال المخابرات المعتقل بالاغتصاب أو بالاعتداء عليه، أو على زوجته وذويه.
ـ اعتقال بعض الأقارب للضغط عليه، وغالباً ما يتم اعتقال أحد الوالدين أو الإخوة...
ـ ويستخدم المجرمون الصهاينة أسلوب الهز العنيف للمعتقل، بحيث يتم هزه بشكل منظم وبقوة وسرعة كبيرة مما يؤدي إلى ارتجاج في الدماغ...
ـ تعريض المعتقل إلى موجات باردة شتاء، وحارة صيفاً أو كلاهما معاً...
ـ ولا يكفي قوات الاحتلال استخدامها لهذه الأساليب الإرهابية القذرة وغير الإنسانية في تعاطيها مع المعتقلين، سواء التعذيب الجسدي، أو الضغط النفسي والحرمان من النوم بل تستخدم أيضاً أساليب الخداع والاحتيال في محاولة للحصول على معلومات توقع المعتقل، كي تفرض عليه التعامل معها، وهذا ما يعرف بأسلوب «العصافير»، الذين تزرعهم المخابرات الصهيونية بين المعتقلين كي يسجلوا اعترافاتهم، أو يستدرجوهم للحديث عن أعمال المقاومة.
ـ عزل المعتقل: ويعتبر عزل المعتقل عقاباً من أقسى أنواع العقاب الذي تلجأ إليه سلطات الاحتلال ضد المعتقلين الفلسطينيين فتضعهم في زنزانات معتمة ضيقة، ولفترات طويلة من الزمن، ولا تسمح للمعتقل المعزول بالالتقاء مع المعتقلين الآخرين كي يؤثر ذلك على وضعه النفسي والصحي.
وقد يؤدي ذلك إلى استشهاد المعتقل، كما حصل مع المعتقل إبراهيم الراعي الذي تم تصفيته في (11/04/2002)، بعد عزله تسعة شهور متواصلة.
ولقد باتت سياسة العزل نهجاً منظماً، تقبل به ما تسمى بالسلطات القضائية الصهيونية، وتقوم السلطات التنفيذية بتطبيقه بكل «أمانة»، وتضع له ما تسميه بالإجراءات والقوانين الخاصة به.

لدعم قضية الأسرى
         أكد الأسير المحرر رأفت حمدونة مدير مركز الأسرى للدراسات وعضو لجنة الأسرى للقوى الوطنية الإسلامية على ضرورة العمل بكل الوسائل الممكنة لتحرير الأسرى أو على الأقل مساندتهم لتحسين شروط حياتهم وودعمهم عبر:
- العمل على تدويل قضية الأسرى. وهذا يحتاج إلى جهود جماعية "فلسطينية وعربية وجاليات في دول غربية وأجنبية، وهذا الأمر يحتاج لعقد المزيد من المؤتمرات الخاصة بالأسرى في عواصم عربية وغربية وفي دول متنفذة بالقرار للتعريف بهذه القضية. وهذا يتم من خلال تحرك السفارات العربية والفلسطينية والدول الصديقة في الخارج. وهذا يتطلب وضع خطة إستراتيجية، تعتمد على التكامل والتراكم واستخدام كافة أشكال العمل الاعلامي، باعتبارها قضية فلسطينية عربية إسلامية مقدسة، وواجب على كافة وسائل الإعلام المختلفة (المرئية والمسموعة والمطبوعة والالكترونية) منحها المساحات الكافية وتفعيلها ومساندتها بما يوازي حجم الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق