الثلاثاء، 24 أبريل 2012

عائشة بنت الصديق


اليوم السابع اليوم السابع : 15 - 09 - 2008

نسبها
هى أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق الطاهرة المبرئة من السماء حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عنها عروة بن الزبير ((ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة)).
تقول ((فضلت على نساء الرسول بعشر ولا فخر: كنت أحب نسائه إليه، وكان أبى أحب رجاله إليه، وتزوجنى لسبع وبنى بى لتسع (أى دخل بى)، ونزل عذرى من السماء (المقصود حادثة الإفك)، واستأذن النبى صلى الله عليه و سلم نساءه فى مرضه قائلاً: إنى لا أقوى على التردد عليكن، فأذنّ لى أن أبقى عند بعضكن، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة، قد أذنا لك، وكان آخر زاده فى الدنيا ريقى، فقد استاك بسواكى، وقبض بين حجرى ونحرى، ودفن فى بيتى)).
زواجها بالرسول صلى الله عليه وسلم
عن عائشة: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها: ((أريتك فى المنام، مرتين أرى أنك فى سرقة من حرير ويقول هذه امرأتك، فأكشف عنها فإذا هى أنت، فأقول إن كان هذا من عند الله يمضه)).
روى الإمام أحمد فى مسنده: لما هلكت خديجة جاءت خَوْلَة بنت حكيم امرأة عثمان بن مَظْعُون قالت: يا رسول الله! ألا تزوّج؟
قال: (مَنْ ؟)
قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً
قال: (فَمَنِ البِكْرُ ؟)
قالت: ابنة أحبّ خلق الله عزّ وجلَّ إليك عائشة بنت أبى بكر.
قال: (ومَنِ الثَّيّيبُ ؟)
قالت: سَودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتّبعتك على ما تقول، قال: (فاذهبى، فاذكريهما عليَّ).
فدخلت بيت أبى بكر، فقالت: يا أمّ رُومان! ماذا أدخل الله - عزّ وجلّ - عليكم من الخير والبركة،
قالت: وما ذلك؟
قالت: أرسلنى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- أخطبُ له عائشة
قالت: انتظرى أبا بكر حتى يأتى، فجاء أبو بكر
فقالت: يا أبا بكر! ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة
قال: وما ذاك؟
قالت: أرسلنى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- أخطب عليه عائشة
قال: وهل تصلحُ له؟ إنما هى ابنة أخيه.
فرجعت إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فذكرت له ذلك
قال: (ارجعى إليه فقولى له: أنا أخوك وأنت أخى فى الإسلام، وابنتك تصلح لى)،
فرجعت فذكرت ذلك له، قال: انتظرى، وخرج.
قالت أم رُومان: إن مُطعِم بن عدى قد كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد وعداً قطّ فأخلفه، لأبى بكر، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدى، وعنده امرأته أم الفتى، فقالت: يا ابن أبى قُحافة! لعلّك مُصْبٍ صاحبنا مُدخِله فى دينك الذى أنت عليه إن تزوّج إليك، قال أبو بكر للمُطعم بن عديّ: أقولَ هذه تقول؟
قال: إنها تقول ذلك، فخرج من عنده وقد أذهب الله - عزّ وجلّ - ما كان فى نفسه من عِدَته التى وعده، فرجع، فقال لخولَة: ادعى لى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فزوّجها إيّاه، وعائشة يومئذٍ بنت ست سنين.
فلما هاجر رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- إلى المدينة خلّف أهله وبناته، ثم إنهم قدموا المدينة، فنزلت عائشة -رضى الله عنها- مع عيال أبى بكر بالسُّنح، فلم تلبث أن وُعِكَت - أى أصابتها الحمّى - فكان أبو بكر -رضى الله عنه- يدخل عليها قيُقبِّل خدّها ويقول: كيف أنت يا بُنية؟
قالت عائشة: فتَمَرَّق شعرى - تساقط - فوفَى جُمَيْمَة - كثر –
فقال أبو بكر: يا رسول الله! ما يمنعك من أن تبنى بأهلك؟
فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم-: (الصَّداقُ)، فأعطاه أبو بكر خمسمائة درهم.
قالت عائشة: فجاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- ضحى فدخل بيتنا، فأتتنى أمّى أمّ رُومان، وإنى لفى أُرْجُوحَة ومعى صواحب لى، فصرخت بي، فأتيتها لا أدرى ما تريد بى، فأخذت بيدى حتى أوقفتنى على باب الدار وإنى لأُنْهِج حتى سكن بعض نفسى، ثم أخذتْ شيئاً من ماء فمسحت به وجهى ورأسى، ثم أدخلتنى الدار، فإذا نسوة من الأنصار فى البيت، فقُلن على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتنى إليهنّ، فأصلحن من شأنى، فلم يَرْعنى إلاّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فأسلمتنى إليه، وهى يومئذ بنت تسع سنين ولُعبها معها.‏
وفى رواية أخرى: قالت عائشة -رضى الله عنها-: ثم أقبلت أمّى بى تقودنى، ثم دخلت بى على رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فإذا رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- جالس على سرير فى بيتنا، وعنده رجال ونساء من الأنصار، فاحتبستنى فى حجرة، ثم قالت: هؤلاء أهلك يا رسول الله، بارك الله لك فيهن وبارك لهن فيك، فوثب الرجال والنساء، قالت عائشة: وبنى بى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فى بيتنا.
قالت عائشة: ما نُحِرت على جَزور، ولا ذُبحت على شاة، حتى أرسل إلينا سعد بن عُبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- إذا دار على نسائه.
وكانت أسماء بنت يزيد بن السَّكَن -رضى الله عنها- ممّن هيّأ عائشة -رضى الله عنها- وأدخلتها على رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فى نسوة معها.
قالت أسماء: فوالله ما وجدنا عنده قِرى، إلاّ قدحاً من لبن، فشرب منه ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية وخفضت رأسها.
قالت أسماء: فانتهرتها وقلت لها: لا تَرُدّى يد رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- خُذى منه، فأخذته على حياء فشربت منه.
ثم قال لها النبى -صلّى الله عليه وسلَّم-: (ناولى صواحبك)
قالت أسماء: يا رسول الله! بل خذه فاشرب منه ثم ناولنيه من يدك، فأخذه فشرب منه، ثم ناوَلَنيه، قالت: فجلست ثم وضعته على ركبتى، ثم طفِقت أُديره وأتّبعه بشفتى لأُصيب منه مَشْرب النبى -صلّى الله عليه وسلَّم-
ثم قال لنسوة عندى: (ناوِليهِنَّ)
فقُلنَ: لا نشتهيه
فقال النبى -صلّى الله عليه وسلَّم-: (لا تجْمَعنَّ جُوعاً وكذباً)
فقلت: يا رسول الله! إن قالت إحدانا لشىء تشتهيه: لا أشتهيه يُعدّ ذلك كذباً؟
قال: (إنَّ الكذبَ يُكْتَبُ كَذِباً، حتى الكُذَيْبَة كُذَيْبَة).‏
مكانتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه لها
من أخص مناقبها ما علم من حب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لها، وشاع من تخصيصها عنده، ولم يتزوج بكراً سواها ونزول القرآن فى عذرها وبراءتها، والتنويه بقدرها، ووفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين سحرها ونحرها، وفى نوبتها، وريقها فى فمه الشريف، لأنه كان يأمرها أن تندى له السواك بريقها، ونزول الوحى فى بيتها، وهو فى لحافها.
عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرة لم يؤكل منها فى أيها كنت ترتع بعيرك؟
قال: ((فى التى لم يرتع منها)) تعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها.
عن أنس -رضى الله عنه- أن النبى -صلّى الله عليه وسلَّم- سُئلَ: مَن أحبّ النّاس إليك؟
قال: (عائشَةُ)، فقيل: من الرجال؟، قال: (أبوها).
وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- يُلاطف عائشة -رضى الله عنها- ويباسطها، ويراعى صغر سنّها، روى عنها أنها كانت تلعب بالبنات- أى العرائس- عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قالت: وكانت تأتينى صَواحبى فكنّ ينقمعن - يتسترن - من رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قالت: فكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- يُسَرِّبُهُنّ إليّ.
وكان يأذن لها أن تلهو يوم العيد وتنظر إلى الحبشة وهم يلعبون فى المسجد، فقد روى عنها أن أبا بكر -رضى الله عنه- دخل عليها وعندها جاريتان فى أيام مِنى تُدَفِّفان وتضرِبان، والنبى -صلّى الله عليه وسلَّم- مُتَغَشّ بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبى -صلّى الله عليه وسلَّم- عن وجهه فقال: (دعهما يا أبا بكر، فإنَّها أيّام عيد، وتلك الأيام أيام منى).
وقالت عائشة: قَدِمَ وَفْدُ الحَبَشَةِ على رسول الله صلى الله عليه و سلم- فقاموا يلعبون فى المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم- يسترنى بردائه، وأنا أنظر إليهم حتى أكون أنا التى أسأم.
وقالت: خرجت مع النبى -صلّى الله عليه وسلَّم- فى بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمِل اللّحم ولم أبدُن، فقال للنّاس: (تقَدَّموا)، فتقدّموا.
ثم قال لى: (تَعالَى حتى أُسَابِقَكِ)، فسابقته، فسبقته، فسكت عنّى، حتى إذا حملت اللحم، وبدُنت ونسِيت خرجت معه فى بعض أسفاره، فقال للنّاس: (تقَدَّموا)، فتقدّموا.
ثم قال لى: (تَعالَى حتى أُسَابِقَكِ)، فسابقته، فسبقنى، فجعل يضحك وهو يقول: (هذه بتلك).
اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا عَائِشَةُ تَرْفَعُ صَوْتَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا بِنْتَ فُلاَنَةٍ، تَرْفَعِيْنَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فَحَالَ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا.
ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَرَضَّاهَا، وَقَالَ: (أَلَمْ تَرَيْنِى حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ؟).
ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً أُخْرَى، فَسَمِعَ تَضَاحُكَهُمَا، فَقَالَ:
أَشْرِكَانِى فِى سِلْمِكُمَا، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِى فِى حَرْبِكُمَا.
عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُوْلُ لَهَا: (إِنِّى لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَى غَضْبَى).
قَالَتْ: وَكَيْفَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَى غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ، وَرَبِّ إِبْرَاهِيْمَ).
قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.
عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ.
فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلاَ تَرْكَبِيْنَ اللَّيْلَةَ بَعِيْرِى، وَأَرْكَبُ بَعِيْرَكِ تَنْظُرِيْنَ وَأَنْظُرُ؟
فَقَالَتْ: بَلَى.
فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُوْلُ:
يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَى عَقْرَباً أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، رَسُوْلُكَ وَلاَ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لَهُ شَيْئاً.
عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم: قال: ((إنه ليهون على أنى رأيت بياض كف عائشة فى الجنة)) تفرد به أحمد.
وهذا فى غاية ما يكون من المحبة العظيمة أنه يرتاح لأنه رأى بياض كفها أمامه فى الجنة.
عن أبى موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)).
وثبت فى (صحيح البخارى) أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، فاجتمع أزواجه إلى أم سلمة وقلن لها: قولى له يأمر الناس أن يهدوا له حيث كان.
فقالت أم سلمة: فلما دخل على قلت له ذلك فأعرض عنى، ثم قلن لها ذلك فقالت له فأعرض عنها، ثم لما دار إليها قالت له، فقال: ((يا أم سلمة لا تؤذينى فى عائشة، فإنه والله ما نزل على الوحى فى بيت وأنا فى لحاف امرأة منكن غيرها)).
وذكر: ((أنهن بعثن فاطمة ابنته إليه فقالت: إن نساءك ينشدونك العدل فى ابنة أبى بكر بن أبى قحافة.
فقال: ((يا بنية ألا تحبين من أحب؟))
قالت: قلت: بلى!
قال: ((فأحبى هذه)).
ثم بعثن زينب بنت جحش فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة فتكلمت زينب ونالت من عائشة، فانتصرت عائشة منها وكلمتها حتى أفحمتها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عائشة ويقول: ((إنها ابنة أبى بكر)).
عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أَتَانِى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى غَيْرِ يَوْمِى يَطْلُبُ مِنِّى ضَجْعاً، فَدَقَّ، فَسَمِعْتُ الدَّقَّ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَفَتَحْتُ لَهُ.
فَقَالَ: (مَا كُنْتِ تَسْمَعِيْنَ الدَّقَّ؟!).
قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنَّنِى أَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنَّكَ أَتَيْتَنِى فِى غَيْرِ يَوْمِى.
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْطِيْنِى العَظْمَ فَأَتَعَرَّقُهُ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، فَيُدِيْرُهُ حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِى.
أَخْبَرَنِى أَبُو قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرٍو، قَالَ:
بَعَثَنِى عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ: سَلْهَا أَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ؟ فَإِنْ قَالَتْ: لاَ، فَقُلْ: إِنَّ عَائِشَةَ تُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ.
فَقَالَتْ: لَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَمَالَكُ عَنْهَا حُبّاً، أَمَّا إِيَّاى فَلاَ.
ومن خصائصها: رضى الله عنها أنها كان لها فى القسم يومان يومها ويوم سودة حين وهبتها ذلك تقرباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضائلها رضى الله عنها
عن عائشة قالت: فضِّلتُ على نساء النبى -صلّى الله عليه وسلَّم- بعشر، قيل: ما هنّ يا أم المؤمنين؟
قالت: لم ينكح بكراً قطّ غيرى، ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيرى، وأنزل الله - عزّ وجلّ - براءتى من السّماء، وجاءه جبريل بصورتى من السّماء فى حريرة وقال: تزوّجها فإنها امرأتك، فكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد، ولم يكن يصنع ذلك بأحد من نسائه غيرى، وكان يصلّى وأنا معترضة بين يديه، ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيرى، وكان ينزل عليه الوحى وهو معى، ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيرى، وقبض الله نفسه وهو بين سَحْرى ونحْرى، ومات فى الليلة التى كان يدور على فيها، ودُفن فى بيتى.
وروى البخارى: عن عائشة، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يوماً: ((يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام)).
فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى.
عن عائشة
- قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو ذات الجيش انقطع عقد لى، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس أبا بكر رضى الله عنه فقالوا ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء أبو بكر رضى الله عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذى قد نام فقال حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا لى ماء وليس معهم ماء قالت عائشة فعاتبنى أبو بكر وقال ما شاء الله إن يقول وجعل يطعن بيده خاصرتى فما منعنى من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذى فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله عز وجل آية التيمم فقال أسيد بن حضيز ما هى بأول بركتكم يا آل أبى بكر قالت فبعثنا البعير الذى كنت عليه فوجدنا العقد تحته.
عن عائشة قالت: رجع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من البقيع فوجدنى وأنا أجد صداعاً فى رأسى وأنا أقول: وارأساه، فقال: ((بل أنا والله يا عائشة وارأساه)).
قالت: ثم قال: ((وما ضرك لو مت قبلى فقمت عليك، وكفنتك، وصليت عليك، ودفنتك)).
قالت: قلت: والله لكأنى بك لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتى فأعرست فيه ببعض نسائك.
قالت: فتبسم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ونام به وجعه، وهو يدور على نسائه حتَّى استعزبه فى بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرض فى بيتى، فأذنَّ له.
عن عائشة، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يسأل فى مرضه الذى مات فيه أين أنا غداً، أين أنا غداً، يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان فى بيت عائشة، حتَّى مات عندها.
قالت عائشة رضى الله عنها: فمات فى اليوم الذى كان يدور على فيه فى بيتى، وقبضه الله وإن رأسه لبين سحرى ونحرى، وخالط ريقه ريقى، قالت: ودخل عبد الرحمن بن أبى بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقلت له: أعطنى هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه، فقضمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فاستن به، وهو مسند إلى صدرى.
ومن خصائصها: أنها أعلم نساء النبى صلى الله عليه وسلم، بل هى أعلم النساء على الإطلاق.
قال الزهرى: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواجه وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل.
وقال عطاء بن أبى رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً فى العامة.
وقال عروة: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة.
ولم ترو امرأة ولا رجل غير أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث بقدر روايتها رضى الله عنها.
وقال أبو موسى الأشعرى: ما أشكل علينا أصحاب محمد حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً.
كَانَ عُرْوَةُ يَقُوْلُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّتَاهُ! لاَ أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكِ، أَقُوْلُ: زَوْجَةُ نَبِى اللهِ، وَابْنَةُ أَبِى بَكْرٍ، وَلاَ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، أَقُوْلُ: ابْنَةُ أَبِى بَكْرٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ كَيْفَ هُوَ، وَمِنْ أَيْنَ هُوَ، أَوْ مَا هُوَ؟!
قَالَ: فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ، وَقَالَتْ:
أَى عُرَيَّةُ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمُرِهِ - أَوْ فِى آخِرِ عُمُرِهِ - وَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ العَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَتَنْعَتُ لَهُ الأَنْعَاتَ، وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا لَهُ، فَمِنْ ثَمَّ.
حديث الإفك
قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، فلما كان غزوة بنى المصطلق أقرع بين نسائه، كما كان يصنع، فخرج سهمى عليهن معه، فخرج بى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: وكان النساء إذ ذاك يأكلن العلق، لم يهجهن اللحم فيثقلن، وكنت إذا رحل لى بعيرى جلست فى هودجى، ثم يأتى القوم الذين كانوا يرحلون لى فيحملوننى ويأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير، فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به.
قالت: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك، وجه قافلاً حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات به بعض الليل، ثم أذن مؤذن فى الناس بالرحيل، فارتحل الناس وخرجت لبعض حاجتى، وفى عنقى عقد لى فيه جزع ظفار، فلما فرغت انسل من عنقى ولا أدرى، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه فى عنقى فلم أجده، وقد أخذ الناس فى الرحيل، فرجعت إلى مكانى الذى ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته.
وجاء القوم خلافى الذين كانوا يرحلون لى البعير، وقد كانوا فرغوا من رحلته، فأخذوا الهودج وهم يظنون أنى فيه، كما كنت أصنع فاحتملوه فشدوه على البعير، ولم يشكوا أنى فيه ثم أخذوا برأس البعير، فانطلقوا به فرجعت إلى العسكر وما فيه داع ولا مجيب، قد انطلق الناس.
قالت: فتلففت بجلبابى ثم اضطجعت فى مكانى، وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس إلى.
قالت: فوالله إنى لمضطجعة إذ مر بى صفوان بن المعطل السلمى، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته، فلم يبت مع الناس فرأى سوادى فأقبل حتى وقف على، وقد كان يرانى قبل أن يضرب علينا الحجاب، فلما رآنى قال: إنا لله وإنا إليه راجعون ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأنا متلففة فى ثيابى.
قال: ما خلفك يرحمك الله؟
قالت: فما كلمته.
ثم قرب إلى البعير فقال: اركبى، واستأخر عنى.
قالت: فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس، فوالله ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بى، فقال أهل الإفك ما قالوا، وارتج العسكر، والله ما أعلم بشىء من ذلك.
ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغنى من ذلك شىء، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوى لا يذكرون لى منه قليلاً ولا كثيراً، إلا أنى قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بى، كنت إذا اشتكيت رحمنى ولطف بى، فلم يفعل ذلك بى فى شكواى ذلك، فأنكرت ذلك منه.
كان إذا دخل على وعندى أمى تمرضنى قال: ((كيف تيكم ؟)) لا يزيد على ذلك.
قالت: حتى وجدت فى نفسي، فقلت: يا رسول الله حين رأيت ما رأيت من جفائه لى لو أذنت لي، فانتقلت إلى أمى فمرضتنى ؟
قال: ((لا عليك)).
قالت: فانقلبت إلى أمى، ولا علم لى بشىء مما كان حتى نقهت من وجعى بعد بضع عشرين ليلة، وكنا قوماً عرباً لا نتخذ فى بيوتنا هذه الكنف التى تتخذها الأعاجم، نعافها ونكرهها، إنما كنا نخرج فى فسح المدينة، وإنما كانت النساء يخرجن فى كل ليلة فى حوائجهن، فخرجت ليلة لبعض حاجتى ومعى أم مسطح ابنة أبى رهم بن المطلب.
قالت: فوالله إنها لتمشى معى إذ عثرت فى مرطها فقالت: تعس مسطح - ومسطح لقب واسمه عوف - قالت: فقلت: بئس لعمرو الله ما قلت لرجل من المهاجرين وقد شهد بدراً.
قالت: أو ما بلغك الخبر يا بنت أبى بكر؟
قالت: قلت: وما الخبر؟
فأخبرتنى بالذى كان من قول أهل الإفك.
قلت: أو قد كان هذا ؟
قالت: نعم والله لقد كان.
قالت: فوالله ما قدرت على أن أقضى حاجتى، ورجعت فوالله ما زلت أبكى حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدى؛ قالت: وقلت لأمى: يغفر الله لك تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لى من ذلك شيئاً؟
قالت: أى بنية خففى عليك الشأن، فوالله لقل ما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن وكثر الناس عليها.
قالت: وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الناس فخطبهم ولا أعلم بذلك، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أيها الناس ما بال رجال يؤذوننى فى أهلى، ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت عليهم إلا خيراً، ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيراً، ولا يدخل بيتاً من بيوتى إلا وهو معى)).
قالت: وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبى بن سلول فى رجال من الخزرج مع الذى قال مسطح وحمنة بنت جحش، وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تكن امرأة من نسائه تناصينى فى المنزلة عنده غيرها، فأما زينب فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيراً، وأما حمنة فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضارنى لأختها فشقيت بذلك.
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة، قال أسيد بن حضير: يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفيكهم، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا أمرك، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم.
قالت: فقام سعد بن عبادة، وكان قبل ذلك يرى رجلاً صالحاً فقال: كذبت لعمر الله ما تضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا.
فقال أسيد بن حضير: كذبت لعمر الله، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين.
قالت: وتساور الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على، فدعا على بن أبى طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى خيراً وقاله.
ثم قال: يا رسول الله أهلك، وما نعلم منهم إلا خيراً، وهذا الكذب والباطل.
وأما على فإنه قال: يا رسول الله إن النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسل الجارية فإنها ستصدقك.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة يسألها، قالت: فقام إليها على فضربها ضرباً شديداً ويقول: أصدقى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: فتقول والله ما أعلم إلا خيراً، وما كنت أعيب على عائشة شيئاً إلا أنى كنت أعجن عجينى فأمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتى الشاة فتأكله.
قالت: ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندى أبواى، وعندى امرأة من الأنصار وأنا أبكى وهى تبكى، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتقى الله، وإن كنت قد فارقت سوءاً مما يقول الناس فتوبى إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده)).
قالت: فوالله إن هو إلا أن قال لى ذلك، فقلص دمعى حتى ما أحس منه شيئاً، وانتظرت أبوى أن يجيبا عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما.
قالت: وأيم الله لأنا كنت أحقر فى نفسى، وأصغر شأناً من أن ينزل الله فى قرأناص يقرأ به ويصلى به، ولكنى كنت أرجو أن يرى النبى صلى الله عليه وسلم فى نومه شيئاً يكذب الله به عنى، لما يعلم من براءتى، ويخبر خبراً، وأما قرآناً ينزل فى فوالله لنفسى كانت أحقر عندى من ذلك.
قالت: فلما لم أرَ أبوى يتكلمان، قلت لهما: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالا: والله ما ندرى بما نجيبه.
قالت: ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبى بكر فى تلك الأيام.
قالت: فلما استعجما على استعبرت فبكيت، ثم قلت: والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً، والله إنى لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أنى منه بريئة، لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقوننى.
قالت: ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره فقلت: ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
قالت: فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسجى بثوبه، ووضعت وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله ما فزعت وما باليت قد عرفت أنى بريئة، وأن الله غير ظالمى.
وأما أبواى فوالذى نفس عائشة بيده ما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقاً من أن يأتى من الله تحقيق ما قال الناس.
قالت: ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدر من وجهه مثل الجمان فى يوم شات، فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: ((أبشرى يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك)) قالت: قلت الحمد لله.
ثم خرج إلى الناس فخطبهم، وتلا عليهم.
وفاتها
جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة فجئت - وعند رأسها عبد الله بن أخيها عبد الرحمن -
فقلت: هذا ابن عباس يستأذن فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال: هذا عبد الله بن عباس يستأذن وهى تموت، فقالت: دعنى من ابن عباس.
فقال: يا أماه !! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك.
فقالت: ائذن له إن شئت.
قال: فأدخلته، فلما جلس قال: أبشرى.
فقالت: بماذا؟
فقال: ما بينك وبين أن تلقى محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، وكنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً.
وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله آية التيمم، فكان ذلك فى سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار.
فقالت: دعنى منك يا ابن عباس، والذى نفسى بيده لوددت أنى كنت نسياً منسياً.
وقد كانت وفاتها فى هذا العام سنة ثمان وخمسين.
ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان.
وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلاً، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر،
وكان عمرها يومئذ سبعاً وستين سنة، لأنه توفى رسول الله صلى الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق