الخميس، 26 يناير 2012

اللحية عادة وليست عبادة‏!‏



مروة البشير‏ الأهرام اليومي : 26 - 01 - 2012

اللحية من الأمور التي اختلفت فيها الاتجاهات الإسلامية‏,‏ فهناك من يصرح بوجوب إعفائها‏,‏ وبالتالي حرمة حلقها‏,‏ وهناك من الأفراد من يقول بكراهية حلقها وهناك من يحكم العادات وطبيعة الوقت ويري أن إعفاءها واجب ولكن يجوز حلقها للضرورة‏.‏ يؤكد الدكتور لطفي عفيفي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن هناك كثيرا من الأحاديث التي تصرح بإعفائها منها ما رواه ابن عمرو عن النبي صلي الله عليه وسلم فقال:( أحفوا الشوارب واعفوا اللحي), وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( خالفوا المشركين واعفوا اللحي واحفوا الشوارب), وقد اختلف الفقهاء في دلالة أمر الرسول صلي الله عليه وسلم,فذهب المالكية والحنابلة إلي تحريم حلقها وذهب الحنفية إلي كراهة حلقها علي سبيل التحريم ويكره عند الشافعية, وقد قال الدكتور يوسف القرضاوي بعد استعراض مذاهب الفقهاء والعلماء التي تتردد بين القول بالتحريم والكراهة والإباحة:( ولعل أوسطها وأقربها وأعدلها هو الذي يقول بالكراهة فإن الأمر لا يدل علي الوجوب جزما صحيح أنه لم ينقل عن السلف حلق اللحية ولعل ذلك لأنه لم تكن بهم حاجة لحلقها وهي عادتهم).
ويقول الدكتور لطفي عفيفي إن هذه الأقوال التي تدل علي القول بالكراهة ليست فقط هي آخر ما قيل منها, فهناك من قال بالإباحة وهو القول الثالث في هذه المسألة بعد الوجوب والكراهة, فيري كثير من العلماء أن إعفاء اللحية من الأمور المباحة وعليه فلا حرمة علي من يحلقها ومن هؤلاء فضيلة الشيخ محمود شلتوت فقد قال: إن أمر اللباس والهيئات الشخصية ومنها حلق اللحية من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها علي استحسان البيئة ومن درجت بيئته علي استحسان شئ منها كان عليه أن يساير بيئته, فهو يري أن اللحية من الأمور العادية وأن حلقها لا كراهة فيه أو حرمة.
أما الأزهر الشريف ودار الإفتاء فقد اتفقا علي رأي واحد وهو أن أمر اللحية فرعي فيقولان: إعفاء اللحية وحلقها مأثور عن النبي صلي الله عليه وسلم وقد كان يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها بما يحسنها بحيث تكون مناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة ولا دليل لمن قال إن حلق اللحية حرام إلا الأحاديث الخاصة بالأمر بإعفاء اللحية مخالفة للمجوس والمشركين, وهي من العادات التي يترك الأمر فيها للحرية الشخصية, فهي ليست عقيدة ولا عبادة, وعليه فإن الأزهر ودار الإفتاء يعتبران اللحية سنة يوجز من يطلقها ولكن من يحلقها لا يدخل النار.
ويؤكد الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر أن مسألة اللحية من السنن الشكلية غير المنكرة شرعا لاسيما إذا كانت عنوانا علي مسلم أراد الله به خيرا فقهه في دينه, ولكن الإسلام برمته تصديق بالقلب وعمل, فلا دخل للحية فيه, والصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقامه ومن هدمها فقد هدمه, وهي تصح بعد طهارة بالماء أو التراب وشروط صحتها ليس فيها لحية, والصيام وهو امتناع عن شهوتي البطن والفرج وشروط صحته ليس فيها لحية, وهكذا بالنسبة لجميع أركان الإسلام الخمسة فهي تصح جميعا بدون اشتراط اللحية.
أما بالنسبة إلي الغاية والقصد من هذا الدين فقد لخصه صلي الله عليه وسلم في قوله:( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق), وقد ذكر العلماء ومنهم ابن حجر: ان مكارم الأخلاق معناها أن تصل من قطعك وأن تعطي من منعك وأن تعفوا عمن ظلمك فأين اللحية هنا؟! ثم تبقي الأوامر والنواهي في كتاب الله عز وجل الذي هو المصدر الأول لتشريع الإسلام ومنها قوله تعالي: وقولوا للناس حسني, وأتوا اليتامي أموالهم, واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا, ومن النهي قوله تعالي: ولا تقربوا الزني, ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل, ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم علي بعض, فكل الأوامر والنواهي في كتاب الله تعالي غايتها أن يكون المسلم ذا نفس زكية, ومن تزكية النفوس أن يكون المسلم طاهر البدن والنفس والثياب, قال تعالي: وثيابك فطهر, وأن يرضي فلا يطمع فيما عند الناس, وإنما يطمع كل الطمع فيما عند الله لقوله تعالي: وأسالوا الله من فضله, وقد قال الشيخ شلتوت شيخ الأزهر رحمه الله: إن من حلقها بنية أن يخالف اليهود يكون قد نطق بالسنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق