الأربعاء، 27 مارس 2013

في سنة أولى ديمقراطية لم ينجح أحد

- ليس إستباقا للزمن ، ولا قراءة  للكف أو الفنجان ، ولا ضربا للرمل ، وإنما قراءة لواقع نعيشه قارب على (10 ) شهور من عمر السنة الأولى للديمقراطية في مصر ، والتي توشك أن تتركنا وترحل  قريبا .....
 كانت الآمال المعلقة على النظام الحاكم حاليا  كبيرة بحجم الوعود التي سمعناها منه خلال حملته الانتخابية الرئاسية ، وبكبر الإنطباع الذي غرسته جماعة الإخوان المسلمين وحزبها في نفوس المصريين من إمتلاكها لبرامج جاهزة للتطبيق الفوري  ستحول مصر في زمن وجيز الى نمر مشابه لنمور شرق آسيا الأربعة ، وبكبر أحلام كل مصري يحلم بمصر جديـــــــدة رائدة ومبدعة ومتقدمة ......
وبقدر ما كانت الآمال كبيرة ، كان السقوط أيضا كبيرا ، وكان الفشل مريعا للنظام الحاكم أحد أجنحة الديمقراطية في مصر ، ويشهد على ذلك الواقع الأليم الذي يعيشه كل مصري في كل مكان على أرض مصر ، سواء كان في القاهرة ( العاصمة ) أو في أقصى بلاد الصعيد (المهمش ) فقد تساوى الجميع في المعاناة والتي طالت أيضا الإحتياجات المعيشية اليومية  من الخبز والغاز والبنزين والسولار ، حتى أصبحت تلك المعاناة كابوسا مفزعا لكل مصري يصعب التخلص منه ، وسط حالة من اللامبالاة من حكومة لا ترى أبعد من جدران مبنى مجلس الوزراء والشوارع المحيطة به .
وكما جاء فشل جناح الديمقراطية الأول ( النظام الحاكم )  ذريعا  ومخيبا لكل الآمال ، فقد لحق به في الفشل الجناح الآخر (المعارضة ) ، حيث  عجزت عن تقديم ولو مبادرة واحدة للخروج من الأزمات الطاحنة التي تمر بها مصر ، ليس فقط لإثبات عجز وفشل النظام الحاكم ، وإنما لتأكيد أنها تملك من الخبرة والمهارة ما يجعلها قادرة على قيادة سفينة مصر الى بر الأمان ( إن أمكن لها ذلك ) ، وبهذا أضاعت المعارضة ( بذكائها المفرط )  فرصة تاريخية ( لإثبات وجودها ) جاءتها على طبق من ذهب لن تستطيع تعويضها مرة أخرى .
إكتفت المعارضة وجبهاتها المتعددة التي فتحتها ( الإنقاذ ، والضمير ، .... ) بمعارضة كل ما يصدر عن الرئاسة من قرارات وتصريحات ودعوات للحوار دون أن تقدم البديل الفعال الذي كان يمكن من خلاله أن تكسب ثقة ورضى الشارع المصري......
وأصبح جناحا الديمقراطية في مصر يتنازعان الفشل والسقوط المريع ، وسط حالة من الإتهامات المتبادلة لكل منهما ضد الآخر ، وغابت مصر وشعبها وما يعانيه عن المشهد الذي تحول الى حلبة للمصارعة يستميت كل طرف فيها   في القضاء  على الآخر بالضربة القاضية ، لينتهي عام الديمقراطية الأول في مصر برسوب الجميع ، حيث لم ينجح أحد . 
                     محمد الشافعي فرعون 
                    الرياض في 27/3/2013

الأربعاء، 13 مارس 2013

الحزب الوطني في زيه الجديد

- في (24) مارس 2011 أوصى تقرير هيئة مفوضي الدولة بحل الحزب الوطني الديمقراطي وتصفية أمواله وإعادتهـــــــا الى الدولة ، لتصدر المحكمة الإدارية العليا قرارها في (16) ابريل 2011 بحل الحزب الوطني وتصفية أمواله وردها للدولة ..
 وتمر دروس التاريخ وعبره دون أن يلتفت اليها أحد ، وإنشغل الجميع بالسلطة وكرسي الحكم والإستحواذ على مفاصل الدولة ، ليعيد التاريخ نفسه من جديد ، لتبدأ نفس المقدمات  التي أدت الى حل الحزب .
يتظاهر المئات من أئمة الأوقاف أمام مبنى محافظة الدقهلية يوم (8) يناير 2013 إحتجاجا على قرار وزير الأوقاف بإقالة (14 ) وكيل وزارة على مستوى الجمهورية ومنهم الشيخ طه زيادة وكيل الاوقاف بالدقهلية ، وطالب المتظاهرون الوزير بالتراجع عن قراره الذي يصب في إطار أخونة الوزارة .
وفي (13) يناير الماضي يقوم عدد من أئمة المساجد وحركة إستقلال الأزهر والأوقاف ونقابة الدعاة المستقلة بتنظيم وقفة إحتجاجية أمام وزارة الأوقاف طالبوا فيها بعدم أخونة الأوقاف .
وفي يوم الثلاثاء (15) يناير ينظم العاملون بإدارتي أوقاف القاهرة والجيزة وقفة إحتجاجية أمام الديوان العام لوزارة الأوقاف ضد ما وصفوه بأخونة الوزارة .
ليؤكد الشيخ مظهر شاهين ( امام مسجد عمر مكرم ) في مداخلة هاتفية له مع الاعلامي سيد على في برنامجه ( حدوتة مصرية ) في (7) مارس الماضي على وجود مخططات لأخونة المؤسسات الإسلامية وأن قرارات التعيين بوزارة الأوقاف تضم أشخاصا ليس لهم علاقة بالوزارة أو بالأزهر ، وان الوظائف القيادية بالوزارة لن تكون الا للمنتمين للإخوان .
وما أثير من قبل عن أخونة الصحافة عندما قام مجلس الشورى بفتح باب الترشيح لشغل مناصب رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية حيث وضع شروطا رأى فيها البعض أن تخدم الإخوان فقط .
ليؤكد رئيس حزب النور الدكتور يونس مخيون بأنه قان بتسليم ملف أخونة الدولة الى الرئيس محمد مرسي بعد جلسة الحوار الأخيرة .
لتأتي المفاجأة الأكبر حيث تقدم المحامي الدكتور سمير صبري ببلاغ الى النائب العام ضد رئيس حزب الحرية والعدالة (الدكتور سعد الكتاتني ) وأمين الحزب بالزيتون ( عفيفي احمد ) وذلك لإصدار الحزب خطابات تزكية لتعيين الشباب في الوظائف بعد إلزامهم بملء إستمارات إلتحاق بعضوية الحزب وإستخراج كارنيه العضوية لهم فيما يعد من جرائم الرشوة الانتخابية المعاقب عليها قانونا ، حيث طالب في بلاغه بتحقيق الواقعة ( موضوع البلاغ ) وإعمال أحكام المادة (48) من قانون مباشرة الحقوق السياسية  .
صحيح ان رئيس الدولة كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة قبل أن يستقيل عقب فوزه بالرئاسة ، كما أن للحزب الأغلبية في مجلس الشورى الحالي ، ومجلس الشعب قبل حله ، وهذا يعطيه الحق بتشكيل الحكومة حتى ولو جاءت إخوانية (100 %) ، فإن كان هذا يعطيه الحق في أخونة الحكومة ، فلا يعطيه الحق في أخونة الجهاز الإداري للدولة ، بما يعني قيامه بتعيين أعضاءه ومن ينتسبون اليه في وظائف الجهاز الاداري للدولة دون وجه حق لمجرد انتمائهم للحزب فقط .
وللتذكير  فإن من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت الى رفع الدعوى بحل الحزب الوطني ، كانت إختياره للمقربين وتعينهم رؤساء للجامعات وعمداء للكليات ، ومجالس الادارات في جميع الهيئات التابعة للدولة حتى أفسد الحياة السياسية ، كما أن هيئة مفوضي الدولة أشارت في تقريرها التي إستندت اليه المحكمة الادارية العليا في قرارها بحل الحزب الى أن الحزب تبنى سياسات أنتجت ديكتاتورية حيث هيمن على السلطة وتحكم في البرلمان وأخر الوطن إقتصاديا وإجتماعيا وتسبب في زيادة الفقر والبطالة وأفسد الحياة السياسية .
إن ما حدث ويحدث من محاولات  الإستحواذ والهيمنة غير المبررة على مفاصل الدولة لم ينتج عنها الا المزيد من الانهيار الاقتصادي والصراع السياسي والضياع الأمني وتزايد معدلات الفقر والبطالة وإغلاق الكثير من المصانع لأبوبها وتشريد عمالها ، بالإضافة الى إرتفاع الأسعار والأزمات المتتالية للسولار والبنزين التي عمت محافظات الجمهورية ، وكانت سببا آخر للإعتصامات والمظاهرات التي لم تتوقف يوما ، لتؤكد على عدم رضى الشارع المصري وإستياءه من الرئاسة والحكومة والحزب وجماعته ، وللثورة التي أتت بهم ، ومطالبته اليومية ( بالصوت العالي ) بسقوط حكم المرشد وإسقاط النظام ، وأصبح البعض يتندر بأيام الرئيس السابق رغم مساوئها .    
ولتظهر بعض الآثار المباشرة لحالة عدم الرضى بتحقيق قوائم طلاب الإخوان المسلمين خسائر فادحة في الإنتخابات الطلابية في جامعات : عين شمس وطنطا وأسيوط والمنوفية والاسكندرية بعد ان كان طلاب الجماعة يسيطرون على تلك الانتخابات في السنوات الماضية  ، حيث يراه البعض مؤشرا على تراجع شعبية الحزب والجماعة     .
إن المحاولات المتكررة لإقتحام مقر مكتب إرشاد الجماعة بالمقطم ، وإحراق مقارهم ببعض المحافظات والتعدي عليها ، وإحراق (الباصات ) التابعة لهم ، والمحاولة الأخيرة بالتعدي على المرشد مساء الاثنين (11) مارس الماضي بأحد مطاعم ( مول سيتي ستارز ) شرق القاهرة ، والتوكيلات التي يتزايد عددها يوما بعد يوم وتنتقل من محافظة لأخرى للجيش لإدارة شؤون البلاد والتي لم تقتصر على داخل مصر بل تعدته الى الكويت لتقوم سفارة مصر بالكويت بعمل أول توكيل لمصري يعمل بالكويت ( من السويس ) للفريق السيسي لإدارة شؤون البلاد ، كل هذه مظاهر لجرس إنذار وناقوس خطر يدق لتذكير حزب الحرية والعدالة بأن العد التنازلي له قد بدأ .
ورغم أن الوقت يمر سريعا فلا تزال هناك فرصة ( وقد تكون الأخيرة ) لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين لتصحيح المسار ، وإعادة إكتساب ثقة الشارع المصري  قبل  أن يأتي اليوم والذي لن يكون بعيدا لتوصي فيه هيئة مفوضي الدولة بحل الحزب وتصفية أمواله وردها للدولة قبل أن تصادق المحكمة الادارية العليا على ذلك بقرارها بحل الحزب . 
                          محمد الشافعي فرعون 
                        الرياض في 13/3/2013   ......

السبت، 9 مارس 2013

المفتي الجديد والمهمة الصعبة

- الهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح ( والتي تضم في عضويتها الدكتور ياسر برهامي وخيرت الشاطر ) قبل نهاية ديسمبر 2012 بأيام أصدرت  فتواها بتحريم تهنئة المسيحيين بالمناسبات الدينية .
وفي (6) فبراير 2013 الماضي أفتى الداعية السلفي محمود شعبان ( أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر ) في لقاءه ببرنامج الميزان على فضائية الحافظ بقتل أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني .
وفي (21) فبراير 2013 الماضي في رده على سؤال وجه اليه عبرصفحته على الانترنت  أفتي الدكتور مصطفى راشد ( الحاصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر في الشريعة الاسلامية ) بأن الصلاة مع الرئيس محمد مرسي في مكان واحد فاسدة وباطلة .
ومن قبل أفتى الشيخ هاشم اسلام ( عضو لجنة الفتوى بالأزهر ) بقتال المشاركين في مظاهرات يوم (24 ) أغسطس 2012 وإهدار دمهم ، وخاطب شعب مصر قائلا : قاوموا هؤلاء فإن قاتلوكم فقاتلوهم ، فإن قتلوا بعضكم فبعضكم في الجنة ، فإن قتلتموهم فلا دية لهم ودمهم مهدر ......
صدرت  هذه الفتاوى في ظل صمت ( القبور ) غير المبرر من قبل المفتى الدكتور على جمعة ، والذي ربما آثر السلامة بعدم التعرض لها  لحين إنتهاء مدته في (3) مارس الماضي وتعيين المفتي الجديد .
صدرت هذه الفتاوى في وقت نحن أحوج فيه الى توحيد الصفوف التي تفرقت ، ولملمت الشمل الذي تمزق ، ورأب الصدع الذي يتسع يوما بعد يوم ، في ظل إحتدام للصراع السياسي الذي فرق شمل المصريين ، وتدهور إقتصادي ينذر بإنهيــار الدولة .
تأتي هذه الفتاوى لتزيد من حدة الإحتقان وإشتعال نيران النزاعات بين أبناء الشعب الواحد ، كما أن من شأنها إثارة المزيد من الفتن التي لا يراد لها أن تتوقف ، ولا يعرف لها هدف سوى إحداث المزيد من الإضطرابات والنزاعات والفتن لشق الصف المصري ، في وقت أصبح فيه جسد مصر المتهالك لا يتحمل المزيد من الجراح والطعنات بأيدى أبناء مصر .
نعلم تمام العلم أن مهمة المفتي الجديد الدكتور شوقي علام ( الذي صدرقرار تعينه في 4 مارس الماضي ) صعبة ، خاصة وأنه جاء في جو ملبد بالغيوم السياسية والاقتصادية والأمنية الحالكة   ، وفي ظل وجود فوضى  من الفتاوى لم تراع الظروف الصعبة التي تمر بها مصر فزادت من تقسيم المقسم وتفتيت المفتت  .
الأمل كبير في تصدي فضيلة المفتي لهذا السيل الجارف من الفتاوى غير المسئولة ، وألا يلتزم الصمت ، فأحيانا يكون الصمت هو الزيت الذي يزيد من إشتعال النار .
                        محمد الشافعي فرعون 
                    الرياض في 9/3/2013      .....

الثلاثاء، 5 مارس 2013

مستشفياتنا وشاهد من أهلها

- كتبت قبل أيام تحت عنوان ( مستشفيانتا .. الواقع المؤلم ) عن الحالة المتردية التي وصلت اليها مستشفياتنا الحكومية ( إلا ماندر) ، وأن وزارة الصحة رفعت يديها عن تلك المستشفيات وتركت المواطن البسيط فريسة لتقتله تلك المستشفيات بعجزها وسوء خدماتها حتى أصبح الداخل اليها على قدميه  خارج منها على أكتاف ذويه الى المقابر ، أو تقتله المستشفيات الخاصة بأسعارها الفندقية ، وتمنيت أن تقوم الجهات المختصة بإعادة فتح ملف المستشفيات الحكومية للوقوف على ما وصلت اليه من سوء ، وللحد من إستغلال المستشفيات الخاصة للمرضى .
تصور البعض أن ماكتبته مبالغا فيه ، حتى شهد شاهد من أهلها ، حيث أعلن الدكتور (باسم السواح ) رئيس المجلس المصري للأطباء ورئيس حزب صحة المصريين (تحت التأسيس ) في برنامج (لازم نفهم ) الذي يقدمه الاعلامي مجدي الجلاد مساء الجمعة (4) يناير الماضي  أن فساد وزارة الصحة  من إهدار المال العام وتسهيل الإستيلاء عليه لا يقل بشاعة عن قتل المتظاهرين في موقعة (الجمل ) الشهيرة ، وأن جرائم الفاسدين بالوزارة قادت المنظومة الصحية الى الإنهيار والعدوان على حقوق المصريين عن طريق خدمات لا تليق بكرامتهم وآدميتهم ، وأن حزبه قد تقدم بالفعل ببلاغات الى نيابات الأموال العامة بأسماء المتورطين في تدمير صحة المصريين وجرائمهم .
إن ما وصلت اليه مستشفياتنا من عجز وسوء في  خدماتها لم يكن فقط بسبب ضآلة الميزانية المخصصة لها وعدم تناسبها مع الإحتياجات الفعلية لتلك المستشفيات ، وإنما أيضا بسبب الفساد الذي ملأ الوزارة ، والذي إنعكس تأثيره بالسلب على الرقابة على أعمال المستشفيات الحكومية وإحتياجاتها حيث عميت الأعين بعد أن إمتلأت البطون بالمال الحرام  في ظل غياب رقابة حكومية حقيقية من الجهات المعنية على وزارة الصحة ومستشفياتها ، لدرجة أن الكثير من الوحدات الصحية الموجودة بالقري والمراكز ( البعيدة عن القاهرة ) مغلقة ولا تعمل ، كما أن معظم الأقسام الموجودة بالمستشفيات المركزية بالمدن والمحافظات  لا تعمل بإستثناء أقسام الرعاية المركزية والقلب والتي تعاني هي الأخرى من نقص الأدوية اللازمة لإسعاف المرضى ، مما يضطر أهالي المرضي الى شرائها بأسعار مرتفعة من خارج المستشفي ، دون أن يحرك هذا المشهد القاسي من لا يزال لديه بعض الضمير من قيادات وزارة الصحة.
إن التغيير المتتالي للحكومات منذ قيام ثورة (25 ) يناير ، وعدم إستقرارها ، بالإضافة الى إنشغال بعضها بالصراع السياسي الحاصل على الساحة السياسية ومنها الحكومة الحالية  منذ تشكيلها ، قد فتح الباب على مصراعيه لإنتشار الفساد بالوزارة ، وضياع الأموال المخصصة للمستشفيات وتطويرها وإحتياجاتها ، حتى هجرها الأطباء والمرضى ، وأصبحت مرتعا خصبا لكل أنواع الحشرات والفئران ، وإسما على غير مسمى .
                         محمد الشافعي فرعون 
                         الرياض في 5/3/2013 ......