الأربعاء، 25 أبريل 2012

قلة النوم أقصر طريق إلى القبر





أ ش أ اليوم السابع : 12 - 05 - 2010

ذكرت دراسة بريطانية حديثة أن النوم لمدة تقل عن ست ساعات يوميا يمكن أن يؤدى إلى الوفاة فى سن مبكرة.
وتوصلت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين لا يحصلون على قسط كاف من النوم يوميا معرضون للوفاة بنسبة 12% بعد بلوغهم 25 عاما من العمر مقارنة بالذين ينامون لمدة تتراوح بين 6 - 8 ساعات يوميا.
شملت الدراسة 5ر1 مليون شخص وتوصلت إلى أن النوم لساعات طويلة تتعدى التسع ساعات قد يشكل خطرا على حياة الإنسان كما هو الحال مع قلة النوم.
وارتكزت الدراسة على أبحاث شملت أشخاصا توفوا بسن صغيرة حيث توصل الباحثون إلى أن معظم الوفيات كانت إما بسبب قلة أو زيادة النوم، حيث إن معظم الذين تمت دراستهم لم يلتزموا بعدد الساعات المثالية للنوم التى تحافظ على صحة الإنسان والتى لا تقل عن ست ساعات ولا تزيد عن ثمانى يوميا.
وقال البروفيسور "فرانسيسكو كابوشيو" الذى يترأس برنامج النوم والصحة والمجتمع فى جامعة "وورويك" البريطانية، إن طبيعة الحياة العصرية ومتطلباتها أدت إلى تناقص عدد ساعات النوم التى يحصل عليها الأشخاص خصوصا الذين يعملون لساعات طويلة أو الذين يعملون بنظام النوبات أو الذين تتطلب طبيعة عملهم أن يبقوا خارج منازلهم معظم اليوم.
وأشار البروفسور الإنجليزى إلى أن كثير من حالات التدهور فى الصحة كان سببها النوم لساعات طويلة كما هو الحال مع قلة النوم، مضيفا أن نتائج الدراسة قد أثبتت أن وفاة نحو 6ر3 مليون شخص ممن تعدوا سن ال16 فى بريطانيا سببها قلة النوم.

حقائق مثيرة عن النوم ( 1 )


وصفي وهبة أكتوبر : 10 - 10 - 2010

النوم هو فترة تستريح فيها الثدييات والطيور والأسماك حيث تقل أثناءها الحركات الإرادية والشعور بما يحدث فى محيط الكائن الحى، ولا يمكن اعتبار النوم فقداناً للوعى، بل هو تغير فى حالة الوعى، ولا تزال الأبحاث قائمة وجارية تبحث عن الوظيفة الرئيسية للنوم، إلا أن هناك اعتقاداً شائعاً أن النوم ظاهرة طبيعية لإعادة تنظيم نشاط المخ والوظائف الحيوية الأخرى فى الكائنات الحية. وبالرغم من أن الإنسان يقضى حوالى ثلث حياته نائماً، فإن معظم الناس لا يعرفون الكثير عن النوم، وهناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن خمول فى وظائف الجسم، الجسدية والعقلية يحتاجه الإنسان لتجديد نشاطه، والواقع المثبت علمياً خلاف ذلك تماماً، حيث يحدث أثناء النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة، وليس كما يعتقد البعض بل على العكس فإن بعض الوظائف تكون أكثر نشاطاً أثناء النوم.
كما أن بعض الأمراض تحدث خلال النوم فقط وتختفى مع استيقاظ المريض، وتعتبر هذه المعلومات والحقائق العلمية حديثة، حيث إن بعض المراجع الطبية لم تتطرق إليها بعد.
** أربعة معايير
1) الحركة الضئيلة: بمعنى أن الحركات الضخمة مثل المشى والكلام والكتابة تمنع حدوث النوم، ولا تحدث خلاله بشكل طبيعى، بل إذا حدثت تكون بشكل غير طبيعى.
2) نمطية الموقف: بمعنى أنه فى الطبيعى ينام الإنسان منبطحاً على الأرض وبالتالى عندما يقف على يديه لا يمكن أن يكون نائماً.
3) الانعكاسية: بمعنى أن الإنسان النائم فى استطاعته أن يستيقظ من النوم عكس ما يحدث فى الغيبوبة أو الوفاة.
**ماذا يحدث خلال النوم؟
النوم ليس فقداناً للوعى أو غيبوبة، وإنما هو فترة راحة يمر بها الإنسان وتتم خلالها أنشطة معينة.
وعندما يكون الإنسان مستيقظاً يكون للمخ نشاط كهربائى معين وعند حلول النوم يتغير هذا النشاط، ويساعدنا ذلك فى دراسة النوم واختباراته.
والإنسان النائم يمر خلال نومه بعدة مراحل، لكل مرحلة دور معين.. فهناك المرحلة الأولى والثانية حيث يكون النوم خلالها خفيفاً ويبدآن مع بداية النوم، بعدها تبدأ المرحلة الثالثة والرابعة (أو ما يعرف بالنوم العميق) وهاتان المرحلتان مهمتان لاستعادة نشاط الجسم وأى نقص أو خلل فى هاتين المرحلتين من مراحل النوم ينتج عنه نوم خفيف وغير مريح مع الإحساس بالتعب والإجهاد خلال النهار، وبعد حوالى تسعين دقيقة تبدأ مرحلة الأحلام، وهى مرحلة مهمة يستعيد خلالها الذهن نشاطه والمرور بجميع مراحل النوم يعرف بدورة نوم كاملة وخلال نوم الإنسان الطبيعى الذى يتراوح ما بين 6-8 ساعات يمر الإنسان خلال تلك الساعات بحوالى من 4 إلى 6 دورات نوم كاملة.
** عدد الساعات
يتفاوت عدد ساعات النوم التى يحتاج إليها الإنسان الطبيعى تفاوتاً كبيراً من شخص إلى آخر، ولكن ما هو مؤكد أن عدد الساعات التى يحتاجها نفس الشخص تكون دائماً ثابتة، فبالرغم من أن الإنسان ينام فى إحدى الليالى أكثر من أى ليلة أخرى، فإن عدد الساعات التى ينامها الشخص خلال أسبوع أو شهر عادة تكون ثابتة.
ويعتقد الكثير من الناس أن عدد ساعات النوم اللازمة فى اليوم هو ثمانى ساعات بينما ينام معظم الناس من (7-7.30) ساعات يومياً، وهذا الرقم هو متوسط عدد ساعات النوم لدى معظم الناس، ولكن هذا لا يعنى أن كل إنسان يحتاج إلى هذا العدد من الساعات، فبوجه عام تتراوح ساعات نوم الإنسان ما بين أقل من ثلاث ساعات لدى البعض إلى أكثر من عشر ساعات لدى البعض الآخر.
وفى دراسة للمركز الوطنى للاحصائيات الصحية بالولايات المتحدة الأمريكية، وجد أن هناك اثنين من كل عشرة أشخاص ينامون أقل من 6 ساعات فى الليلة ووجد أن هناك واحداً من عشرة أشخاص ينام تسع ساعات أو أكثر فى الليلة. ويدعى الأشخاص الذين ينامون أقل من ست ساعات بأصحاب النوم القصير، ويدعى الذين ينامون أكثر من تسع ساعات فى الليلة بأصحاب النوم الطويل، وجميعهم طبيعيون فنابليون وأديسون كانا من أصحاب النوم القصير، والعالم أينشتين كان من أصحاب النوم الطويل، بمعنى أن عدد الساعات التى يحتاج إليها الإنسان إذا كان طبيعياً ولا يعانى من أى مرض من أمراض النوم التى تؤثر على إنتاجه وإبداعه.
وخلاصة القول: إن عدد ساعات النوم التى يحتاجها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، فالكثير يعتقدون أنهم يحتاجون إلى ثمانى ساعات نوم يومياً وأنه كلما ازداد عدد ساعات النوم كان ذلك أكثر صحة، وهذا اعتقاد خاطئ، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تنام خمس ساعات فقط بالليل وتشعر أنك نشيط فى اليوم التالى فهذا يدل على انك طبيعى ولا تعانى من مشاكل أو نقص النوم.
** التغييّر مع تقدم السن
يتغير نوم الأطفال تدريجياً مع نموهم، ولكن بمجرد أن يصل المرء إلى مرحلة البلوغ (سن العشرين عاماً) فإن عدد ساعات النوم التى يحتاجها الجسم لا تتغير مع تقدم العمر، فعند كبار السن يصبح النوم خفيفاً وأقل فاعلية وأقل راحة بالرغم من عدم تغير عدد ساعات النوم، والسبب فى ذلك يرجع إلى أن نسبة كل مرحلة من مراحل النمو السابقة تتغير مع تقدم العمر.
فعندما يبلغ الرجل سن الخمسين والمرأة الستين فإن نسبة النوم العميق (المرحلتين الثالثة والرابعة من مراحل النوم) تقل جدا وعند البعض تختفى تماماً.. فنجد أن الأشخاص فى هذه السن أسرع استيقاظاً بمقارنة صغار السن وذلك نتيجة سرعة الاستجابة للضوضاء الخارجية، فالبرغم من عدم تغير عدد ساعات النوم عند الكبار فإن طبيعة النوم تختلف فيصبح النوم خفيفاً متقطعاً طوال الليل، وهذا هو أحد أسباب النعاس خلال فترة النهار الذى يصيب الكثير من كبار السن.
** مراحل نوم الشباب
يتم تنظيم النوم فى مناطق محددة فى المخ، وتأثير هرمونات تنشأ فى منطقة الهيبوثلمس من المخ مثل هرمون الميلاتونين الذى ينظم أوقات النوم معتمداً فى ذلك على كمية الإضاءة التى يتعرض لها الشخص استناداً على دراسات أجريت على موجات المخ اثناء النوم تم تقسيم النوم إلى خمسة أقسام وهى:
-حركة العين غير السريعة وهذه أربع مراحل.
1- مرحلة التثاؤب ومرحلة النوم الأولى والانتقال إلى المرحلة الثانية من النوم.
2- وفيها يقل مستوى الوعى بالأحداث الخارجية وتشكل هذه المرحلة من 45-55% من وقت النوم الاجمالى.
3- وتشكل حوالى 5% من إجمالى وقت النوم.
4- وتشكل 15% من فترة النوم الإجمالية، وهذه هى فترة النوم العميق الذى يصعب الاستيقاظ منه، وهى الفترة التى تحدث فيها الكوابيس والمشى أثناء النوم.
** حركة العين السريعة
وهى المرحلة التى يرى منها النائم أحلامه، وتشكل هذه الفترة الثلث الأخير من دورة النوم.
وتحدث هذه المراحل الخمس حوالى تسعين دقيقة وتتكرر عدة مرات اثناء الفترة الاجمالية للنوم، ومن الجدير بالذكر أن فترة الأحلام تستغرق عدة دقائق من كل تسعين دقيقة بعدها تبدأ دورة نوم جديدة.
تختلف الفترة التى يحتاج إليها الفرد للنوم من شخص إلى آخر وقدرت فترة الثمانية ساعات كمعدل فترة النوم الضرورية فى اليوم الواحد، وأكدت بعض الأبحاث التى تم إجراؤها فى جامعة هارفارد أن قلة النوم تؤدى إلى زيادة نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم والجلطة القلبية والسرطان، وهناك توجد حقيقة فى الأشخاص الذين يعملون بالليل وينامون فى النهار وهى نقص مناعتهم لبعض الأمراض مثل سرطان الثدى نتيجة تغير الساعة البيولوجية عندهم.
تحدث حالات غير طبيعية أثناء النوم، وعامة يمكن تقسيم هذه الحالات وإجمالها كما يلى:
- الأرق - ناركوليبس - تشنجات الأطراف السفلية أثناء النوم - توقف التنفس أثناء النوم - المشى أثناء النوم.
وسيتم فى مقالات قادمة سرد تفصيلى لكل الحالات السابقة واستيفاء النقاط الخاصة بكل حالة.
** نصائح مهمة
النوم عملية طبيعية تحدث كل ليلة، حيث إن البشر ليسوا سواء، فإن بعض الناس يخلدون إلى النوم وقتما وأينما شاءوا فى حين أن البعض الآخر يجد صعوبة فى النوم، وعندما ينام فهو لا ينعم بالراحة ولا يستعيد نشاطه من خلال النوم، ويشترط أسلوب حياة معين مع عادات غذائية معينة بالإضافة إلى السلوك الضرورى فى توفير الفرصة لنوم سليم، حيث إن هذه العوامل تؤثر إيجابياً على النوم السليم كماً وكيفاً، وحديثنا هنا سيقتصر على النواحى السلوكية فى العلاج ولن نتطرق للإصابات العضوية.
هناك اعتقادات خاطئة حول النوم يجب توضيحها حيث يحتاج الشخص العادى إلى 4-9 ساعات نوم كل 24 ساعة للشعور بالنشاط فى اليوم التالى، وعلى كل الأحوال فإن عدد ساعات النوم الى يحتاج إليها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، فكثير من الناس يعتقدون أنهم يحتاجون إلى ثمانى ساعات نوماً يومياً، وأنه كلما زاد عدد ساعات النوم كان ذلك صحياً أكثر، وهذا اعتقاد خاطئ فعلى سبيل المثال إذا كنت تنام خمس ساعات فقط بالليل وتشعر بالنشاط فى اليوم التالى فاعلم أنك لا تعانى من مشاكل فى النوم، البعض الآخر من الناس يفسر قصور أدائه وفشله فى بعض أمور الحياة إلى نقص النوم مما يؤدى إلى الإفراط فى التركيز على النوم، وهذا التركيز يمنع صاحبه من الحصول على نوم مريح بالليل ويدخل بذلك فى دائرة مغلقة.. لذلك يجب التمييز بين قصور الأداء الناتج عن نقص النوم وقصور الأداء الناتج من أمور أخرى كزيادة الضغوط فىالعمل وعدم القدرة على التفاعل مع زيادة التوتر.
** حقائق
- المشاركة فى النوم فى سرير واحد مع شخص يشخر أثناء النوم يسبب ارتفاعاً فى ضغط الدم.
- أثناء النوم تظل بعض أجزاء من المخ نشيطة تنذرنا بالأخطار.
- كمية الطاقة التى نوفرها ونحن نيام تعتبر صغيرة جداً.
- النوم متعلق بالمخ أكثر من تعلقه بالجسد.
- أثناء النوم تغلق أجزاء من المخ بشكل شبه كامل.
- النوم يعطينا فرصة لتنظيم ذكرياتنا وتعزيز تجاربنا التى نمر بها أثناء النهار.
- يتعرض العاملون بنظام النوبتجيات الليلية أكثر من غيرهم للإصابة بمشاكل وأمراض القلب والمعدة والامعاء.
** جو الغرفة
يؤثر جو الغرفة على النوم بدرجة كبيرة جداً، فدرجة حرارة الغرفة المرتفعة أو المنخفضة تؤثر سلباً على نوعية النوم، لذلك يجب ضبط درجة حرارة الغرفة على درجة حرارة مناسبة تساعد على الحصول على نوم صحى.
الضوضاء المتقطعة ينتج عنها نوم خفيف متقطع لا يساعد الجسم على استعادة نشاطه ويمكن التخلص من هذه الضوضاء عن طريق ما يسمى بالضوضاء البيضاء وهى أن يكون فى خلفية غرفة النوم صوت ثابت الشدة ومتواصل كصوت المروحة أو جهاز التكييف. كما أن الضوء القوى فى غرفة النوم يعتبر من العوامل التى تؤثر على جودة النوم يجب أن يكون ضوء غرفة النوم خافتاً.
تجنب النظر المتكرر إلى ساعة غرفة النوم لأن ذلك يزيد من التوتر وهذا بدوره يشارك فى حدوث الأرق مع تجنب استخدام الساعات المضيئة التى تضىء بالليل.
** الطعام والشراب
يفضل عدم تناول الوجبات الثقيلة قبل النوم مباشرة وإذا وجب تناولها فينصح أن يكون ذلك قبل النوم بثلاث إلى أربع ساعات.
هناك اعتقاد خاطئ أن الكحوليات تؤدى إلى نوم مريح ولكن قد ثبت علمياً أنه بمجرد أن يبدأ الجسم فى التفاعل مع المادة الكحولية يبدأ التقطع فى النوم والإصابة بالأرق الشديد.
ثبت أن جميع أنواع المشروبات التى تحتوى على مادة الكافيين لها تأثيرها السلبى على النوم خاصة إذا تم تناولها مساء أو قبل النوم، وقد أثبتت الدراسات أن الكافيين يسبب الارق حتى عند أولئك الذين يدعون أنه لا يؤثر على نومهم.
يعوق النيكوتين عملية النوم باعتبارها أحد المنبهات فتدخين سيجارة قبل النوم يؤدى إلى اضطراب النوم وتقطعه.
** الحماية من الجنون
يعد النوم من الأمور التى يجب أن نضعها فى الاعتبار خاصة أنه مهم جداً بالنسبة للصحة والجمال والحيوية، كما أن النوم الجيد يساعد على الشعور باليقظة والراحة فى اليوم التالى بدلاً من الشعور بالعصبية وعدم التركيز.
وينصح الخبراء بأن أفضل شىء هو أن نستجيب لاحتياجات أجسامنا دون مبالغة، وينصحون بالنوم لمدة 7-9 ساعات كل ليلة بإمكان الإنسان يحدد عدد ساعات نومه بمعرفته بشرط ألا تقل عن خمس ساعات وأن يحترم دورات نومه لأن الإنسان العادى الذى يفقد النوم يصيبه الجنون.
ومن الضرورى جداً ان ينام الإنسان.. أولاً ليسترد نشاطه، ويعوض إرهاقه، والأهم من ذلك ليجدد انسجته وينشط أعصابه ويثبت ذاكرته وعلى المرء أن يتبع الطرق الصحية للنوم والتى يمكن تلخيصها فى النقاط التالية:
- قراءة دعاء قبل النوم كل ليلة.
- تحديد وتثبيت موعد اللجوء للفراش فإن ثبات موعد النوم يمنح نوماً صحياً هادئاً.
- الحرص على أخذ قسط كاف من النوم الذى يحتاج إليه الإنسان حتى يشعر فى صباح اليوم التالى بالنشاط والحيوية.
- تعرف بنفسك على مقدار ما تحتاج إليه من النوم، فهناك من يكتفى بقليل من النوم، وهناك من يحتاج عدد ساعات كثيرة من النوم.
- يجب أن يحدث النوم فى غرفة هادئة مظلمة جيدة التهوية واختيار مرتبة صحية.
-إن وجدت نفسك غير قادر على النوم.. فإنهض من فراشك وأبحث عن شىء تفعله إلى أن تشعر بالرغبة فى النوم
-رياضة المشى اليومية تساعد كثيراً على الحصول على نوم صحى عميق.
-ارتداء ملابس النوم القطنية الفضفاضة الخالية من الأزرار والأحزمة.
-عدم تغطية الرأس أثناء النوم لمنع استنشاق الهواء الفاسد.
-تجنب بل منع وجود دفايات فى غرفة النوم، وعدم وجود حيوانات لأنها تستهلك الاوكسجين الموجود بالغرفة.
- حاول النوم بشكل أفقى على أحد الجانبين.
- عدم الاستلقاء والنوم مباشرة بعد العشاء لترك بعض الوقت حتى تقوم المعدة خلاله بهضم الطعام.
- تجنب النوم أثناء النهار إذا كان نومك مضطرباً فى المساء.
وعن الأمور التى يجب تجنبها فى المساء:
- عدم الإفراط فى تناول القهوة والنيكوتين.
- تجنب الوجبات الثقيلة والدسمة.
- عدم الافراط فى ممارسة الأنشطة الذهنية والجسمانية.
- تناول كوب من اللبن الدافئ أو الينسون قبل النوم.
** فوائد
النوم ليلا يقوى مناعتك: اثبتت الأبحاث العلمية أن النوم ليلاً ولوقت كاف يمنح الجسم مناعة عالية ضد الأمراض الفيروسات التى تهاجمه، لذلك فإن اصحاب النوم المطضرب يعانون من مشكلات فى جهاز المناعة، ومن الجدير بالذكر أن كرات الدم البيضاء تصل إلى أقصى قوة لها فى مهاجمة، وابتلاع الميكروبات تكون أثناء الليل حتى إن الأجسام المضادة التى يكونها الجسم عند التطعيم ضد الفيروس الكبدى الوبائى (أ) تكون عالية جدا بالليل وأثناء النوم وتفسير ذلك علمياً أن الجسم ينتج بروتيناً أثناء الليل يدعم جهاز المناعة فأثناء النوم يكون الجسم فى حالة استرخاء وراحة تامة فلا تستهلك العضلات هذا البروتين فيكون موجها متركزا فى تقوية جهاز المناعة.
** نقص الوزن
نصحت دراسة بريطانية حديثة كل من يرغب فى انقاص وزنه أن يذهب إلى فراشه مبكرا لتحقيق هدفه، وكشفت الدراسة أن الأشخاص الذين يقل عدد ساعات نومهم عن ثمانية ساعات فى الليلة يتعرضون أكثر من غيرهم لزيادة الوزن. وأوضحت الدراسة أن نقص عدد ساعات النوم تساعد على زياة فى معدلات إفراز الجسم لأحد هرمونات فتح الشهية فى الوقت التى تقل فيه نسبة إفراز الجسم لهرمون الشبع.
** الوقاية من الأمراض
يؤكد الأطباء أن هناك علاقة وطيدة بين النوم الصحى وبين سلامة حياة الإنسان من الإصابة بأمراض السكر والضغط والسمنة وأمراض شرايين القلب، وافادت نتائج دراسة جديدة أن النساء اللاتى ينمن أقل من سبع ساعات يومياً ربما تزيد لبعضهن مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ووجد الباحثون أن من بين أكثر من عشرة آلاف امرأة جرى تتبعهن على مدار خمس سنوات، كانت النساء اللاتى ينمن فى المعتاد ست ساعات أو أقل.. أكثر احتمالاً من نظيراتهن اللاتى ينمن جيداً للإصابة بارتفاع ضغط الدم.
** الكآبة وضعف الذاكرة
أفادت دراسة حديثة أن عدم كفاءة النوم يؤدى إلى اضطرابات نفسية وعصيبة وجسدية مثل الكآبة وزيادة الوزن، كما يؤثر ذلك على جهاز المناعة.
وأشارت الدراسة إلى أن القلق والأرق الليلى يؤديان إلى نقص الانتباه وعدم التركيز، وضعف الذاكرة، كما أنه يؤثر سلبياً على الناحية الاجتماعية.

الدعاء عبادة روحية خالصة وعلاقة سرية خاصة بينك وبين الله





منة شرف الدين الدستور الأصلي : 04 - 09 - 2010

لا تنظر إلي السماء عند الدعاء!
الله سبحانه وتعالي جل جلاله موجود في كل مكان فلا تظن أن النظر إلي السماء له علاقة بالاستجابة، فالخشوع والخضوع والتسليم لأمر الله عند الدعاء متعة لا يجب أن نحرم أنفسنا منها عندما نقترب من الله ونرجوه ونتوسل إليه أن يرحمنا ويغفر لنا، ولا يحملنا ما لا طاقة لنا به، ويسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض وأن يعطينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ويبعدنا عن النار.
الدعاء لا يفرق بين كبير وصغير، بين غني وفقير، بين شيخ جليل ورجل بسيط، فعندما سمع النبي - صلي الله عليه وسلم - رجلاً يقول: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد» قال الرسول«والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سُئل به أعطي».. هذا هو سر الدعاء يصل دون حجاب لذلك «اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب» هكذا علمنا إمام المرسلين، وما أكثر المظلومين في بلد نحن فيه في أمس الحاجة إلي الدعاء.
1-الدعاء هو العبادة
«الدعاء هو العبادة»..هكذا لخص رسول الله -صلي الله عليه وسلم- سر الدعاء حين تكون رافعاً يدك وقلبك ورجاءك للسماء خافضاً كبرياءك وغرورك إلي الأرض شاعراً بأقصي درجات الضعف البشري أمام خالقك العظيم تناجي الله-تعالي- بلا وسيط.
ولجوء الإنسان العاجز بطبيعته البشرية إلي إله قادر غريزة دفعت الناس منذ الأزل إلي البحث عن ذلك الإله وتقديم القرابين إليه وطلب كل ما يحتاجونه ويتمنون حدوثه أومنع ما لا يريدون وقوعه، فسألوا الشمس والقمر والنار والأصنام إلا أن الله -تعالي-أرسل رسلاً ليوجهوا دعاء الناس إلي مكانه الصحيح لله الواحد، ثم أرسل خاتم الأنبياء محمد -صلي الله عليه وسلم- وأوحي إليه القرآن وقال فيه: «ادعوا ربكم تضرعاً وخفية» و«وقال ربكم ادعوني استجب لكم» و«وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان».
وقد بين الرسول-صلي الله عليه وسلم- أن فضل الدعاء عند الله -تعالي- عظيم قائلاً:«ليس شيء أكرم علي الله من الدعاء» بل إن الله يغضب علي عبده إذا لم يدعوه ويسأله فقال الرسول: «من لم يسأل الله يغضب عليه».
2-كيف ندعو الله ؟
الدعاء عبادة روحية خالصة وعلاقة سرية خاصة بينك وبين الله، يمكن أن تؤديها في كل مكان وزمان ووضع «الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلي جنوبهم»، إلا أن بالدعاء نكون أقرب للإجابة «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه».. القاعدة الأولي التي وضعها الرسول -صلي الله عليه وسلم- لنا حين ندعو الله-تعالي- بأن نكون علي يقين من الاستجابة لأن الله لا يستجيب لمن يشك في وعده حين قال :«ادعوني استجب لكم».
ثم نستقبل القبلة وكأنها صلاة حتي نشعر وكأننا أمام الكعبة ونرفع أيدينا إلي أعلي دليلاً علي الخشوع والافتقار إلي الله، ولأن الله لا يرد يدا ممدودة له كما قال الرسول-صلي الله عليه وسلم-:«إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا».
ويكون بدء الدعاء بالثناء علي الله -تعالي- بأسمائه الحسني ثم الصلاة علي النبي-صلي الله عليه وسلم- وإعادة ذلك في وسط الدعاء وآخره.. وقد سمع، النبي-صلي الله عليه وسلم - رجلاً يقول: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد» فقال الرسول-صلي الله عليه وسلم-:«والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سُئل به أعطي».
كما يستحب تعميم الدعاء بأن يدعو الإنسان لنفسه ولسائر المسلمين، لأن المؤمن الكامل هو الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه وأن يكون الدعاء في الخفاء بين العبد وربه ليبتعد عن شبهة الرياء وألا يرفع الداعي صوته جداً ولا يخفضه جداً، فقد قال الرسول-صلي الله عليه وسلم- للذين كانوا يجهرون بالتكبير بصوت عال:«أربعوا أنفسكم-أي ارفقوا بها- فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا بصيرا وهو معكم والذي تدعونه أقرب إلي أحدكم من عنق راحلته».
الإلحاح في الدعاء مستحب أيضاً، فالله يحب الملحين في الدعاء كما قال النبي-صلي الله عليه وسلم- وكان يكرر الدعاء ثلاث مرات.
وفي النهاية نقول «آمين» ومعناها: استجب يارب العالمين، ونمسح وجهنا بكفينا كما فعل الرسول-صلي الله عليه وسلم-.
3-أوقات الاستجابة
فضّل الله أوقاتاً معينة وخصها بميزة استجابة الدعاء وكأنه-تعالي- يقدم لعباده عروضا خاصة في هذه الأوقات وليجعلهم دائمي البحث والانتظار لهذه الفرص، وهذه الأوقات هي : الثلث الأخير من الليل حيث ينزل الله للسماء الدنيا ويقول«هل من داع فاستجيب له»، وبعد الصلوات الخمس، وبين الأذان والإقامة، وبعد التشهد في الصلاة، وأقرب ما يكون العبد إلي ربه وهو ساجد ويوم الجمعة حيث به ساعة إجابة أوصي الرسول بالتماسها في آخر ساعة بعد العصر، وفي يوم عرفة وفي شهر رمضان وفي الحرب والسفر وعند زيارة المريض ووقت هطول الأمطار وعند القيام بعمل صالح لأن الله يقول:«إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه» والدعاء من الكلم الطيب.
4-الدعاء وشهر رمضان
هل هناك وقت أنسب للتوجه إلي الله تعالي بالدعاء من الشهر الذي تغلق فيه أبواب النار وتفتح أبواب الجنة وتصفد الشياطين وينادي ملك : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر؟
شهر رمضان وقت من أوقات الاستجابة بصفة عامة وفيه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر يتلمسها المسلمون في الليالي الوترية من العشر الأواخر من الشهر إذا دعا فيها مؤمن بالله ورسوله دعوة استجيب له بخير مما سأل.
وبالإضافة إلي الشهر كله نهاره وليله وليلة القدر بشكل خاص، في رمضان ساعة إجابة يومية وهي عند الإفطار كما قال الرسول-صلي الله عليه وسلم- أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
5-هل الدعاء يرد القضاء؟
سؤال يدور ببال الكثيرين إذا كان كل شيء بقضاء وكانت أقدارنا مكتوبة فلماذا نسأل الله أن يرفع بلاء أو يجلب خيرا؟ هل يغير الدعاء القدر؟
الإجابة تتلخص في أن الدعاء في حد ذاته قدر، فيكون هذا القدر سبباً في دفع قدر آخر أو جلب قدر آخر وذلك ينطبق علي ما قاله عمر بن الخطاب حين سمع أن الطاعون حل بالشام فأمر الناس بالرجوع إلي المدينة فقيل له أتفر من قدر الله؟ فقال :«أفر من قدر الله إلي قدر الله».
والدعاء كالدواء للمريض، حيث لا يمكن ترك المريض بلا دواء لأن مرضه قدر ولكن يكون الدواء قدراً سبباً في شفائه من مرضه الذي كان قدراً أيضاً، وقد بيّن الرسول-صلي الله عليه وسلم- العلاقة بين الدعاء والقضاء بقوله:«إن الدعاء والقضاء يعتلجان-يتصارعان- بين السماء والأرض».
6-أنبياء الله يدعون
لأن جميع البشر ضعفاء وعاجزون بطبيعتهم البشرية يلجأون إلي الإله القوي القادر مهما كانوا، فلابد أن تمر عليهم لحظات يرفعون فيها أيديهم إلي السماء طالبين العون حتي وإن كانوا ملوكاً أو سلاطين أو أكثر..حتي لو كانوا أنبياء..
وعلي سبيل المثال لا الحصر نري إبراهيم-عليه السلام- «أبو الأنبياء» يدعو وهو يرفع قواعد بيت الله بأن يجعل مكة بلداً آمناً ويرزق أهلها رزقاً واسعاً وأن يتقبل منه ومن ابنه إسماعيل وأن يجعل من ذريتهما أمة مخلصة لله ويبعث في هذه الأمة من أبنائها رسولا يعلمهم ويزكيهم ويبلغهم آيات الله فيستجيب الله لدعائه ويجعل مكة حرما آمناً ويرزق أهلها حتي الكافرين ويجعل النبوة والرسالة في نسل إسماعيل فيقول محمد-صلي الله عليه وسلم-:«أنا دعوة إبراهيم».
أما زكريا-عليه السلام- فدعا «رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين» طلب من الله الولد بعد أن كبر وشاب وكانت امرأته عاقراً فرزقه الله بيحيي-عليه السلام- «فاستجبنا له ووهبنا له يحيي وأصلحنا له زوجه».
وهذا أيوب-عليه السلام- يصبر ويحتمل أمراضاً وآلاما ثم يدعو ربه:«وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر».
ثم نبي الله يونس-عليه السلام- الإنسان الوحيد الذي دعا الله وهو في بطن حوت في أعماق بحر، فيستجيب الله له وينجيه ويجعل لدعائه فضلاً أنه إذا دعا به مسلم كشف الله ضره وفرّج همه وكربه «فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين».
أما سليمان-عليه السلام- فقد دعا الله أن يهب له ملكا عظيما لا يكون لأحد من بعده أبدا فاستجاب الله له وسخر له الرياح والشياطين والجن وأفهمه لغة الطيور والحيوانات.
ويوسف-عليه السلام- دعا الله أن يصرف عنه كيد النساء اللاتي ظلمنه وحاولن إغواءه فقال:«رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم».
كما دعا نوح- عليه السلام-حين ظلمه قومه وتولوا عنه وعن دعوته سنوات طوال فقال:«رب لا تذر علي الأرض من الكافرين دياراً - إنك أن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا» فعاقب الله-تعالي- قومه وأنجاه «ونوحا إذ نادي ربه من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم».
7-دعوة المظلوم
«اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»..هكذا أوصي الرسول، والمعني أي مظلوم مهما كان دينه أو عمره أو جنسه إذا تعرض لظلم من ذي سلطان أو مسئول أو رجل عادي مثله ودعا لله علي من ظلمه استجاب الله-تعالي- له لأنه لا يحب الظالمين وهو-تعالي- العدل المطلق الذي لا يظلم ولا يريد ظلما للعباد أو بين العباد وهو القائل: «إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون».
ولذلك أقسم الله-تعالي- بعزته أن ينصر المظلوم ولو بعد حين كما جاء في حديث رسول الله-صلي الله عليه وسلم-:«ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين».
8-الدعاء بظهر الغيب
هو أن يدعو الشخص لشخص آخر بالخير في غيابه أو دون أن يعرفه فهي دعوة صادقة خالصة من أي شبهة رياء أو نفاق أو مصلحة وهي دليل علي محبة الشخص لأخيه ما يحب لنفسه ولذلك تؤمن الملائكة علي دعوته وتدعو له بالمثل، فبينما دعا هذا الإنسان لأخيه الإنسان تدعو له بمثلها ملائكة الرحمن، لذلك حث الرسول -صلي الله عليه وسلم- علي ذلك حيث قال:«إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة: آمين، ولك بمثل».
9-لماذا لا يستجيب الدعاء دائما ؟
مليارات من الدعوات تصعد كل يوم إلي الله ويتساءل الكثيرون لماذا لا تستجاب كلها؟
الإجابة في نقاط أولا: لأنه لا يمكن الاستجابة لجميع الناس لأسباب تتعلق بسنة الحياة فمثلا الكل يطلب الغني ولو استجاب الله لذلك لاستغني الناس وطغوا وفسدت الأرض فالله -تعالي- يقول:«ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير».
ثانيا: أن الإنسان يقصد في دعائه جلب خير أو دفع شر ولكن ليس الخير والشر دائما هما ما يتصوره الإنسان بعقله المحدود فقد يدعو بما يراه خيراً وهو شر وقد يختار له القدر أمراً يحسبه شرا ثم تظهر له الأيام أنه خير، وفي هذا يقول الله:«وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
ثالثا: الدعاء خير للإنسان في جميع الأحوال سواء تحقق ما دعا به أم لم يتحقق فإذا تحققت الدعوة يسعد بها وإذا لم تتحقق فإما أن يكون الله قد أبعد بسببها عنه شرا أو أنه يدخرها له ليحققها بعد حين أو ليعوضه عنها في الآخرة وهذا ما أكده رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في الحديث حيث قال: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدي ثلاث :إما أن تعجل له دعوته وإما أن تدخر له وإما أن يكشف عنه من السوء بمثلها».
رابعا: البعض يدعو الله ولكنه لا يوقره ولا يحترم شعائره ويفرط في أوامره ونواهيه أو يدعوه بقلب غافل ولاه غير خالص لله فيكون ذلك سببا في عدم الإجابة، فعندما قال سعد بن أبي وقاص للرسول-صلي الله عليه وسلم- : ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة قال له: «أطب مطعمك تستجب دعوتك».
10-الدعاء الممنوع
نعم هناك دعاء ممنوع..فليس كل الدعاء خيراً.. فالدعاء بالشر ممنوع سواء كان علي النفس أو الآخرين لذلك قال الله -تعالي-: «ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا» فلا يجوز للإنسان أن يدعو علي نفسه بالموت أو المرض أو أي أذي بسبب شعوره باليأس أو الظلم كما لا يجوز أن يدعو علي أحد بشر بسبب غضبه منه وكذلك لا يصح أن يدعو الأب أو الأم علي أولادهما، وفي ذلك قال الرسول-صلي الله عليه وسلم-: «لا تدعوا علي أنفسكم ولا تدعوا علي أولادكم ولا تدعوا علي أموالكم».
وقال : «لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي».
ومن الدعاء الممنوع أيضا الدعاء بما فيه معصية وإثم أو قطيعة رحم لأن ذلك يعد اعتداء في الدعاء وقال الله -تعالي-:«ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين»، ومن الممنوع أيضا أن يقول الداعي «اللهم افعل كذا -إن شئت-».
المراجع:
-الدعاء - محمد سيد طنطاوي
-صفحات من نور في الدعاء المأثور- محمد بكر إسماعيل
من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به
عمر بن الخطاب
خُزّان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر،أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة.
علي بن أبي طالب
لايصيبُ عبد شيئاً من الدنيا إلا نقص من درجاته عند الله عز وجل وإن كان عليه كريماً
عبدالله بن عمر
إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميراً علي اثنين فافعل سلمان الفارسي

أسرار الشفاء بالدعاء النبوي ..





الفجر الفجر : 17 - 10 - 2011

لقد كان النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم كثير الدعاء اذ لا تمر لحظة إلا ويدعو بها ربه، والحقيقة ان الذي يتعمق في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام يلاحظ أشياءً عجيبة، فقد كان أكثر دعائه: (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) هذا هو حال خير البشر وأعظم الخلق، يطلب من ربه أن ينجيه من عذاب يوم القيامة!!!

هذا الدعاء ليس مجرد كلمات، بل له معاني كثيرة، وكأن الرسول يذكر نفسه في كل لحظة بيوم القيامة وعذاب الله، كأنه يشاهد الجنة والنار في كل لحظة، فيستعيذ بالله من شر جهنم ويسأل الله الجنة، وكأنه أيضاً يطلب من ربه أن ينجيه من أي نوع من أنواع العذاب، ونتساءل: هل المرض نوع من أنواع العذاب؟

• دعاء النبي للسعادة:
هنالك دعاء عظيم يسبب لك السعادة المطلقة في الدنيا والآخرة، ويصرف عذاب المرض في الدنيا والآخرة، وهو: (اللهم إني أسألك العافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة) فإذا دعوت بهذا الدعاء كل يوم فإن النبي الكريم يقول لك: فإذا أُعطيتَ العافية في الدنيا وأُعطيتَها في الآخرة فقد أفلحتَ [رواه الترمذي]!!

• دعاء للصحة والعافية:
فهذا دعاء عظيم من أجل صرف الأمراض وإبعادها والتمتع بالعافية، وقد جرَّبتُ هذا الدعاء حيث أدعو به كل يوم مراراً وتكراراً ووجدتُ أن الحالة النفسية والصحية تتحسن بشكل كبير. ولذلك أنصح كل أخ وأخت أن يدعو بهذا الدعاء ويكرره لما له من تأثير مذهل على صحة الإنسان.

• علاج للمشاكل الصحية والاقتصادية:
كلمات قليلة كان يقول عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن هؤلاء تجمع لك خير الدنيا والآخرة، فما هي هذه الكلمات؟ إنها: (اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني) [رواه مسلم]. انظروا معي كم تحوي هذه الكلمات من فوائد:

1. المغفرة: وهذه أول خطوة قبل استجابة الدعاء، لأن الله تعالى يريد أن تصلح العلاقة معه عز وجل، وتتوب إليه وترجع عن ذنوبك ليغفر لك أولاً ثم تبدأ الخطوة الثانية.

2. الرحمة: وهي أعظم نعمة يمن الله بها علينا أن يرحمنا في حياتنا وفي أولادنا، فيصرف عنا الأوبئة والأمراض، ويسخر لنا الخيرات، وأهم شيء ألا يعذبنا في الدنيا والآخرة.

3. الهداية: هل هناك أجمل من أن يهديك الله في كل شأنك؟ فإذا درست مادة لتنجح فيها سخر لك الله أسباب الهداية للنجاح، وإذا زرت طبيباً للعلاج سخر الله لك الطبيب المناسب وهداك للدواء المناسب للشفاء، وإذا خطبت امرأة هيَّأ الله لك أسباب الهداية إلى زوجة صالحة تعينك على خيري الدنيا والآخرة... وهكذا الهداية في تجارتك وفي تعاملك وفي مشاكلك يهديك الله للحل المناسب...

4. العافية: وهي أن يعافيك الله في بدنك وفي صحتك وفي عقلك وفي حالتك النفسية وفي أفكارك فلا يدخل فيها الشيطان، ويعافيك من كل شر من المحتمل أن يصيبك، ويعافيك من شر الحوادث والأضرار وغير ذلك، وكل هذا ببركة هذا الدعاء.

5. الرزق: أن يرزقك الله من حيث لا تحتسب، فيسخر الله لك أسباب الرزق وأسباب المعيشة الطيبة، ويسخر لك المال الحلال، ويهيء لك المنزل المبارك ويرزقك أولاداً صالحين، ويرزقك زوجة صالحة تكون سبباً في دخولك الجنة إن شاء الله.

• علاج الإحباط والاكتئاب بدعاء واحد:
يؤكد علماء النفس والأطباء أن معظم الأمراض النفسية وحالات الانتحار وأمراض الاكتئاب والإحباط خصوصاً إنما تعود أسبابها لشيء واحد وهو عدم الرضا عن الواقع والظروف المحيطة وعدم الرضا عن النفس، والعلاج سهل يا أحبتي فقد علمنا النبي الكريم دعاءً عظيماً، ألا وهو: (رضيت بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً) [رواه أحمد]. فمن قال هذا الدعاء ثلاثاً حين يصبح وثلاثاً حين يمسي كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة!! يا لها من كلمات قليلة ولكن نتيجتها كبيرة جداً، ألا تحب أخي القارئ أن يرضيك الله يوم القيامة؟

هذا الدعاء كنتُ أقوله مباشرة عندما أتعرض لموقف صعب فيه نوع من الإحباط، وبخاصة في بداية رحلتي مع القرآن عندما كنتُ أواجه عالماً "تقليدياً" لأستشيره في اكتشاف جديد من القرآن منَّ الله به عليَّ كما في موضوع الإعجاز الرقمي، فأجده يقول قبل أن يقرأ البحث: لماذا لا تبحث عن عمل آخر؟ فكنتُ أدعو بهذا الدعاء فأحس بحلاوة الإيمان، وأقول لابد أن يسخر الله لهذا العلم من ينشره إذا كان فيه الخير والنفع، وسبحان الله! تُفتح أبواب كثيرة أمامي لدرجة أنني أفرح كثيراً بعد أن كنتُ "محبطاً" لولا هذا الدعاء وغيره.

• العلاج الوقائي لكل شر:
هنالك دعاء مهم جداً وأذكر أنني منذ أن تعلمته لم أتركه أبداً، وكان هذا الدعاء سبباً في دفع الكثير من الضرر عني. هذا الدعاء هو: (بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) [رواه ابن ماجة]. وكان النبي الكريم يقول عن هذا الدعاء: من قاله ثلاثاً إذا أصبح وثلاثاً إذا أمسى لم يضره شيء!!

وقد قمتُ بتجربة بسيطة وهي أنني سألتُ مئات الناس ممن تعرضوا لمشاكل وأخطار وحوادث، وقلتُ لهم: هل قال أحدكم هذا الدعاء أي (بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) وصدِّقوني لم أجد واحداً قالها من بين هؤلاء جميعاً.

من هنا نؤكد أن هذا الدعاء مناسب جداً فلا نتركه أبداً، فإذا كان حبيب الله وهو الذي يعيش في رعاية الله وحفظه والله قد عصمه وأيده بنصره والملائكة تحفُّه والله معه في كل لحظة وعلى الرغم من ذلك كان لا يترك هذا الدعاء، فما بالنا نحن؟

• العلاج بالصلاة على النبي:
وهذه طريقة أخرى للعلاج أيضاً أن تصلي على النبي الكريم كلما خطر ببالك، وأن تصلي عليه بنية الشفاء، وتكرر الصلاة عليه وستجد حلاوة في قلبك لا يمكن أن يصفها إلا من ذاقها، هذه الصلاة تجعلك قريباً من النبي عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فهل هنالك أجمل من أن يكون الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام شفيعاً لك يوم القيامة عندما يتخلى عنك حتى أقرب الناس إليك؟ إنها كلمات بسيطة وبسيطة جداً لن تأخذ منك أكثر من ربع دقيقة! ولكن نتيجتها أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيكون قريباً منك يوم القيامة ويشفع لك. وهو أن تقول (اللهم صلِّ على سيدنا محمد) والصلاة على النبي هي أمر إلهي نثاب عليه، يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) [الأحزاب: 56].

• علاج للهم والحزن والضيق:
لقد كان الرسول الأعظم يدعو بالقرآن، ففي كتاب الله تعالى آيات محددة لأمراض محددة، ومن بين هذه الآيات آية عظيمة لا زال النبي الكريم يرددها كلما تعرض لأي همّ أو كرب أو ضيق، وكان يقول عنها: من قالها حين يصبح وحين يمسي سبع مرات، كفاه الله ما أهمّه من أمر الدنيا والآخرة، إنها: (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلتُ وهو ربُّ العرش العظيم) [التوبة: 129].

فأنت عندما تدعو بهذه الآية إنما تعطي معلومة أو أمراً لدماغك أن يلجأ إلى الله فهو يكفيه، وكأن هذه الآية تذكرك بأن همومك مهما كانت عظيمة فالله أعظم (وهو ربُّ العرش العظيم) ومهما تعرضت لمشاكل ومواقف صعبة في حياتك، فإن الله يكفيك هذه الهموم فهو حسبك أي يكفيك لا حاجة لتلجأ معه إلى أي مخلوق: (حسبي الله) أي: الله يكفيني، أخي القارئ جرِّب هذا الدعاء سبع مرات صباحاً ومساءً، وانظر كيف ستتغير الأمور إن شاء الله.

• علاج للمشاكل الاقتصادية:
وهذا دعاء عظيم إذا حفظته وكررته باستمرار وبأي عدد تشاء فإن الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يؤكد لك أنه: لو كان عليك مثل جبل ديناً أدّاه الله عنك!!!! والدعاء هو: (اللهم اكفِني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمَّن سواك)، فما أحوجنا لمثل هذا الدعاء وبخاصة في عصرنا هذا، حيث الغلاء وارتفاع الأسعار وقلة الأموال، إن هذا الدعاء سييسر لك الرزق الحلال وهذا أهم شيء، فما فائدة الأموال إذا كانت تجلب علينا غضب الله؟

لذلك انظروا معي كيف ركَّز النبي في دعائه أول شيء على الحلال: (اللهم اكفِني بحلالك) ثم على الغنى (وأغنني بفضلك) فكأنما يريد أن يبث لك رسالة: إذا كنتَ تأكل مالاً حراماً فأسرع وابتعد عنه والجأ إلى الله ليرزقك الرزق الحلال، فمتى أصبح رزقك حلالاً أغناك الله بعد ذلك من فضله.

حقاً ما أجمل التداوي بالدعاء النبوي فكل سنة وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم كنز سمين حافظوا عليه

طريقة ابداعية لحفظ الادعية الصحيحة





الفجر الفجر : 19 - 02 - 2012

لا يوجد شيء بعد كلام الله أفضل من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه طريقة تساعدك على حفظ الأدعية والأذكار بأسلوب سهل وميسر...
ربما لا يدرك الكثيرون أهمية حفظ الدعاء، ويغيب عنهم قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة). ومن هنا فقد رأيتُ أن أكتب تجربتي في حفظ الأدعية والأذكار الصحيحة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يرددها بل ويكثر من تكرارها.
فالذي يتأمل حياة النبي الكريم يرى بأن حياته مليئة بالدعاء، ففي كل حركة أو فعل نجده يدعو دعاءً يناسب هذا العمل. وحتى في أدق التصرفات لم يغفل النبي عن الدعاء، ولكن السؤال: لماذا كل هذا الاهتمام بالدعاء؟
لكي ندرك أهمية الدعاء ينبغي أن ندرك فوائده وأسراره ونتائجه، وماذا يحدث أثناء الدعاء، وكيف يستجيب الله دعاءنا، ولذلك ينبغي أن ننظر إلى "حفظ الدعاء" على أنه مشروع له أسس وقواعد وكلما كان اهتمامنا أكبر كان المشروع أكثر نجاحاً.
لماذا ندعو الله تعالى؟
1- عندما تدعو الله يجب أن تدرك بأن الله قريب منك، بل هو أقرب إليك من نفسك.
2- يجب أن تتصور أن الله تعالى يراك في كل لحظة ويسمع كل كلمة تقولها، ولذلك يجب ألا يغيب عنك هذا الموضوع وأنت تدعو الله.
3- يجب أن تدرك أن الله الذي خلق الكون وخلق البحار والجبال وخلق المجرات ... قادر على أن يعطيك ما تطلب، وقادر على أن يشفي مرضك أو ينجيك من السوء أو يرزقك من حيث لا تحتسب.
4- جميع الأنبياء كانوا يلجأون إلى الدعاء في الأوقات الصعبة، ولكل نبي دعوة خاصة به، والله تعالى علمنا كيف ندعوه بخوف وطمع فقال: (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 56].
5- الدعاء هو أفضل وسيلة لعلاج الأمراض! لأنك تشعر بالقرب من خالقك أثناء الدعاء، وهذا يبعد عنك ألم المرض ويبعد عنك اليأس والخوف، لأنك لجأت إلى رب قوي قادر على شفائك.
6- الدعاء يساعدك على اتخاذ القرارات الصحيحة.
7- الدعاء يساعدك على تطوير قدراتك الفكرية وعلى الإبداع والتفكير السليم والقدرة على التذكر.
8- الدعاء يرفع النظام المناعي لأجهزة الجسم ويعالج الأمراض النفسية وبخاصة الحزن والخوف، لأن الله تعالى يقول: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [يونس: 62-64].
9- حفظ الدعاء وتكراره عند كل مناسبة سوف يجعلك سعيداً ويزيل عنك الهموم والتوتر لأنك ستشعر بالقوة والقرب من الله جل وعلا، وسوف تتأثر بكلمات الدعاء والمعاني العظيمة التي تحملها، فتشعر بالطمأنينة وتدرك أن الدنيا لا تساوي شيئاً.
10- ينبغي أن تلجأ إلى الدعاء في كل الظروف: في حالة المرض، وفي حالة قلّة الرزق، والخوف والحزن، وحتى في حالة الفرح والسرور لأن المؤمن إذا أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإذا أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
ينبغي عليك أن تعرف طريقة عمل الذاكرة، فالذاكرة نعمة من نعم الله تعالى، سخرها لنا لنتعلم ونحفظ ونكرر وبالتالي نتواصل مع الآخرين، وهذه الذاكرة تعمل بطريقة، رائعة ليس بالتكرار فحسب بل بالتأمل والتدبر والفهم ومعالجة المعلومات. ولذلك يجب أن نفهم الدعاء ونتفكر فيه ونخشع أثناء قراءته، بل ونتصور أن الاستجابة قريبة، ونعلم بأننا ندعو رباً كريماً سميعاً بصيراً قادراً على الاستجابة.
إن أفضل طريقة لحفظ الأدعية أن تربط كل دعاء بمناسبة. فمثلاً هناك أدعية ينبغي أن تكررها كل يوم في مناسبات محددة.
ذكر رائع
هناك ذكر رائع أفضل من الدنيا وما فيها، يقول صلى الله عليه وسلم: (لأن أَقُولَ:
"سبْحانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ للَّهِ، ولا إلَه إلاَّ اللَّه، وَاللَّه أكْبرُ"
أَحبُّ إليَّ مِمَّا طَلَعَت عليهِ الشَّمْسُ) [رواه مسلم]. يمكنك قول هذا الذكر كلما اشتهيت شيئاً من الدنيا ولم تتمكن من تحقيقه، لتدرك أن هذا الدعاء خير من الدنيا، فتردد على الفور: "سبْحانَ اللَّهِ، وَالحَمْدُ للَّهِ، ولا إلَه إلاَّ اللَّه، وَاللَّه أكْبرُ". وتكررها قدر المستطاع فتشعر بحلاوة الإيمان وتستصغر الدنيا أمام ثواب الله تعالى.
الدعاء الجامع لمنافع الدنيا والآخرة
تأمل معي هذا الدعاء النبوي الشريف [الذي رواه مسلم]:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعفافَ والْغِنَى"
إنك عندما تدعو الله بهذه الكلمات فسوف يعطيك الهداية ويعطيك التقوى ويرزقك العفاف ويغنيك من فضله فلا تحتاج أحداً... بل ماذا تريد أكثر من ذلك.
ولذلك يعتبر هذا الدعاء من الأدعية الجامعة وينبغي أن تحفظه مثل اسمك تردده كل لحظة، قبل النوم، عندما تنظر إلى الدنيا وزينتها، في حالة المرض، في حالة الخوف، في حالة الخوف على نفسك من مغريات العصر. ينبغي أن تكون هذه الكلمات رفيقك في كل مكان وفي كل مناسبة، وسوف تجد سعادة غامرة لا تُوصف.
ثواب عظيم نحن عنه غافلون
هناك ذكر رائع ينبغي ألا تتركه أبداً منذ هذه اللحظة، وعلى الرغم من سهولته وعلى الرغم من الثواب العظيم لمن قاله، ولكن للأسف معظمنا غافل عنه! يقول صلى الله عليه وسلم: (منْ قال:
"لا إله إلاَّ اللَّه وَحْدَهُ لا شرِيكَ لَهُ، لهُ المُلكُ، وَلهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ"
في يومٍ مِائةَ مَرَّةٍ كانَتْ لَهُ عَدْل عَشر رقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنةٍ، وَمُحِيت عنهُ مِائة سيِّئَةٍ، وكانت له حِرزاً مِنَ الشَّيطَانِ يومَهُ ذلكَ حتى يُمسِي، ولم يأْتِ أَحدٌ بِأَفضَل مِمَّا جاءَ بِهِ إلاَّ رجُلٌ عَمِلَ أَكثَر مِنه) [البخاري ومسلم].
كنز من كنوز الجنة
قالَ رسول اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسَلَّم: (أَلا أَدُلُّك على كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجنَّةِ؟) فقلت: بلى يا رسول اللَّه، قال:
"لا حول ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ"
إنها كلمات معدودة وسهلة الحفظ والتكرار ولكن هل ندرك عظمتها؟ إن أحدنا إذا امتلك قطعة أرض من هذه الدنيا الفانية فإنه يفرح بها فكيف بمن يمتلك كنزاً دائماً لا يفنى؟! ويمكنك أخي الحبيب أن تتذكر هذا الدعاء في كل مناسبة، عندما ترى منظراً يحزنك، عندما ترى إنساناً متكبراً، عندما تعاني من مشكلة اجتماعية أو نفسية، عندما تشعر بالاكتئاب أو الحزن... بل وحتى عندما تفرح، لأن ذكر الله يجب أن تردده في كل الأحوال.
ذكر خير لك من الدنيا
تأملوا هذا الدعاء السهل جداً والخفيف، وعلى الرغم من الثواب العظيم تجد معظم الناس لا يحفظونه: يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: من قالَ:
"سُبْحَانَ اللَّهِ وَبحمْدِهِ" ... في يوْم مِائَةَ مَرَّةٍ
حُطَّتْ خَطَاياهُ، وإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْر [البخاري ومسلم].
دعاء عظيم
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين الجدد هذا الدعاء، وهو دعاء سهل جداً ويجمع لك خيري الدنيا والآخرة:
اللَّهُمَّ اغفِرْ لي، وَارْحمْني، واهْدِني، وعافِني، وارْزُقني
هذا الدعاء رواه رواهُ مسلم، وهو دعاء يتضمن خمس محاور. وعندما تدعو به ينبغي أن تعيش معنى كل كلمة. فعندما تقول (اللَّهُمَّ اغفِرْ لي) عليك أن تتذكر أن الله سوف يغفر هذه الذنوب مهما كانت عظيمة، ويجب أن تدرك أن هذه بداية جديدة مع الله، فقبل أن تطلب أي شيء يجب أن تضمن مغفرة الذنب، لأن هذه الذنوب تمنع عنك العطاء!
وعندما تقول (وَارْحمْني) عليك أن تستشعر رحمة الله تعالى في النعم التي أنعمها عليك، وأن الله سيرحمك ولن يضيعك أبداً مادمت تلجأ إليه وتثق به. وعندما تقول: (واهْدِني) ينبغي أن تكون صادقاً في هذه الكلمة، أي أنك بالفعل تريد الهداية والإقلاع عن الذنوب والمعاصي واللهو، وتنوي التوبة إلى الله تعالى من جميع ذنوبك.
وعندما تقول: (وعافِني) فأنت تطلب العافية أي الصحة والشفاء والنجاة من كل شر والبعد عن الشيطان ووساوسه والبعد عن كل إنسان يمكن أن يؤذيك... ينبغي أن تطبق تعاليم القرآن، فلا تطلب العافية وأنت تعصي الله! لأن استجابة الدعاء لا تأتي إلا بعد التخلص من المعاصي أو على الأقل أن تنوي البعد عن المعصية، فالنية سابقة العمل.
وعندما تقول: (وارْزُقني) يجب أن تتخيل أن الرزق سيأتي لا محالة، ولكن الله يؤجله لمصلحتك وما ينفعك، وإياك أن تقول دعوتُ ولم يستجب الله لي، فالاستجابة محققة، ولكن الله تعالى هو الذي يختار التوقيت المناسب لها. فالرزق أحياناً قد يكون سبباً في الطغيان والبعد عن الله، والله يحبك ويريدك أن تبقى قريباً منه وتلتجئ إليه، ولذلك بمجرد أن تقول (وارْزُقني) يجب أن تستيقن أن الرزق سيأتي وما عليك سوى أن تنتظر رحمة الله وتثق به وبعطائه.
ملاحظة هامة:
أخي في الله! إذا كنت تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتمنى أن تكون قريباً منه يوم القيامة، بل معه في الجنة إن شاء الله، فاحرص على حفظ شيء من كلامه الشريف. واستخدم ورقة تدون عليها عدة أدعية (عشرة مثلاً) وتضعها في جيبك أو حقيبتك، وكلما وجدت وقت فراغ سواء في السيارة أو البيت أو الشارع أو الحديقة أو في مطعم أو في العمل... أخرج هذه الورقة وكرر دعاء من الأدعية حتى تحفظه.
ثم تردده عدة مرات، وتحاول أن تتصور معنى هذا الدعاء، حتى يكون الحفظ متقناً وتكون الاستجابة سريعة بإذن الله، لأن الدعاء ينبغي أن يكون بخشوع، فالله تعالى يقول عن أنبيائه: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90]. فقد ربط الله استجابة الدعاء بالمسارعة في الخيرات (يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) والخشوع (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
يمكنك كتابة الدعاء الذي تود حفظه على جهاز جوالك، وتحاول أن تفتحه عدة مرات في اليوم وتقرأه حتى تحفظه، وتأمل معي لو أنك حفظت دعاء واحداً كل يوم، فإنك خلال سنة ستحفظ 365 دعاء، أي ستضع في دماغك موسوعة من الأدعية الصحيحة! نسأل الله تعالى أن نكون مع من علمنا هذه الأدعية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عسى الله أن يجعلنا معه يوم القيامة، آمين.

دعاء يحفظك من موت الفجأة





فتح الله رضوان الفجر : 24 - 04 - 2012

دعاء لمرة واحدة بالعمر روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مضمون الحديث انه قال: من قرأ الدعاء في أي وقت فكأنه حج 360 حجة وختم 360 ختمه وأعتق 360 عبدا وتصدق ب 360 دينار وفرج عن 360 مغموما وبمجرد أن قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الحديث نزل جبريل (عليه السلام) وقال: يا رسول الله أي عبد من عبيد الله سبحانه وتعالى أو أي أحد من أمتك يا محمد قرأ الدعاء ولو مرة واحدة في العمر بحرمتي و جلالي ضمنت له سبعة أشياء : رفعت عنه الفقر أمنته من سؤال منكر و نكير أمررته على الصراط حفظته من موت الفجأة حرمت عليه دخول النار حفظته من ضغطة القبر حفظته من غضب السلطان الجائر والظالم الدعاء: لا اله إلا الله الجليل الجبار لا اله إلا الله الواحد القهار,) لا اله إلا الله الكريم الستار لا اله إلا الله الكبير المتعال, لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له مسلمون, لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له عابدون لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له قانتون, لا اله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا ربا وشاهدا أحدا وصمدا ونحن له صابرون, لا اله إلا الله محمد رسول الله , اللهم إليك فوضت أمري وعليك توكلت يا أرحم الراحمين . و أخيراً : اللهم صلي على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد و آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

الصحابة.. القعقاع بن عمرو ليس رجلاً بألف بل إن "صوته" فقط خير من ألف رجل





منة شرف الدين الدستور الأصلي : 19 - 08 - 2010

لما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه: (أما بعد : فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، علي كل ألف : رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد)، ولولا أن هذه الواقعة ثابتة في كل كتب السيرة لكان من المستحيل تصديقها، فلا أحد يتصور أن أربعة رجال فقط يقدرون بأربعة آلاف رجل ليس في الإيمان والصدق والإخلاص فحسب، وإنما في المعارك.
والأغرب من ذلك أن بين هؤلاء الرجال من يفوق صوته الألف رجل، لكننا الآن لم يعد لدينا رجل بألف أو بمائة أوحتي باثنين بل للأسف أغلب من يحملون هذا اللقب من غير مستحقيه، وربما لو عاشوا زمن الصحابة لسمعنا عن الرجل بنصف والرجل بثلث! لأن المواقف وحدها هي التي تكشف معادن الرجال، وتحكم علي قدراتهم وتحدد مدي صلابتهم وقوة عقيدتهم.
لذلك قمنا في هذا الملف بجمع سيرة الصحابة الذين يقدر الواحد منهم بألف رجل، فلا تتعجب عندما تجد صحابيا أحبه الله سبحانه وتعالي وأمر رسوله صلي الله عليه وسلم أن يحبه وربما السر في وصوله إلي هذه المكانة مع كل من سبقت أسماؤهم لقب «الرجل بألف» هو أنهم قالوا:«بايعنا رسول الله علي ألا نخاف في الله لومة لائم»
القعقاع بن عمرو
ليس رجلا بألف بل إن "صوته" فقط خير من ألف رجل..فلا يهزم جيش بين صفوفه القعقاع بن عمرو التميمي الصحابي الجليل والفارس الشجاع، فقد قال عنه الخليفة أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-: "لصوت القعقاع في المعركة خير من ألف رجل".مؤكدا وشاهدا علي بطولته المتميزة.
ربما لأن استعداداته للحرب تشمل جميع الجوانب الروحية والمادية، فلم يعتمد فقط علي الإمكانات المادية ولم يكتف في نفس الوقت بقوة الإيمان دون الأخذ بالأسباب، فهو فارس يستعد لمعركته بقلبه وعقله، لذلك عندما سأله الرسول_ صلي الله عليه وسلم_ ما أعددت للجهاد؟ قال :"طاعة الله ورسوله والخيل" فرد الرسول:" تلك الغاية".
حينما أمر أبو بكر الصديق خليفة رسول الله _صلي الله عليه وسلم_ قائد جيوشه خالد بن الوليد بالتوجه إلي العراق لمواجهة جيوش الفرس،طلب خالد أن يمده بجنود إضافيين من المسلمين بعد أن استشهد عدد كبير من أفراد جيشه في حرب الردة. فأمده أبو بكر بالقعقاع بن عمرو التميمي، فقيل له: أتمد رجلا انفض عنه جنوده برجل؟ فقال أبو بكر: "لا يُهزَم جيش فيهم مثل هذا".
وتواصلت مشاركة القعقاع في مواقع كثيرة أبلي فيها خير البلاء وحقق المكاسب لجيش المسلمين وفي فتوحات العراق والشام ، وفي معركة "ذات السلاسل" بين المسلمين بقيادة خالد بن الوليد _سيف الله المسلول رضي الله عنه_ والفرس بقيادة هرمز الذي نادي بالنزال فمشي إليه خالد بن الوليد واحتضنه خالد فهجم جند فارس يريدون قتل خالد وتخليص هرمز من قبضته ولكن القعقاع لم يمهلهم فأسرع يدافع بسيفه وصال وجال في رقابهم، والمسلمون خلفه، فانهزم جند فارس وفروا من أمامهم فطاردهم المسلمون ثم استدعاه خالد ليقود هجوم المسلمين علي الروم في معارك اليرموك حيث حقق نصرا كبيرا، وعندما كتب عمر بن الخطاب إلي سعد بن أبي وقاص يسأله: أي فارس كان أفرس في القادسية؟ كتب إليه: أنني لم أر مثل القعقاع بن عمرو، حمل في يوم ثلاثين حملة يقتل في كل حملة بطلا.
الزبير بن العوام
"إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير بن العوام"..
جملة بمثابة الختم المقدس والشهادة الأعظم لأنها من رسول الله _صلي الله عليه وسلم_في حق الصحابي الفارس صاحب أول سيف أشهر في الإسلام.. كان لايزال صبيا وبلغته شائعة مقتل الرسول في مكة فسارع يتأكد من الخبر ليثأر من قريش وعندما قابله الرسول_ صلي الله عليه وسلم_ دعا له بالخير ولسيفه بالنصر..فكان رجلا بألف رجل كما وصفه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بأنه بألف رجل حين أرسله مع عبادة بن الصامت والمقداد بن أسود ومسلمة بن مخلد مدادا إلي عمرو بن العاص في فتح مصر قائلا: "وجهت إليك أربعة نفر وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل".
اسمه الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد وكنيته أبو عبد الله وهو ابن صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله_ صلي الله عليه وسلم_ وابن أخي خديجة بنت خويلد الزوجة الأولي والحبيبة إلي رسول الله_ صلي الله عليه وسلم_ وزوج أسماء بنت أبي بكر_رضي الله عنهما.
أسلم وهو في الخامسة عشرة من عمره ، تحمل عذابا من عمه ليكفر بالإسلام حيث كان يلفه في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول له :"اكفر برب محمد ادرأ عنك هذا العذاب" فما كان منه إلا أن يقول :"لا والله لا أعود للكفر أبدا".
كان _رضي الله عنه_بطلا رئيسيا في جميع المواقع والغزوات، فلم يتخلف عن حرب مع الرسول _صلي الله عليه وسلم_فنجده يُحَفِّز جيش المسلمين في اليرموك بصيحة "الله أكبر" ويخترق وحده بقوة جيش الأعداء بينما يقتحم حصنا من حصونهم يوم حنين ومعه علي بن أبي طالب وينفق في حياته من أموال تجارته الواسعة ويموت مديونا وتشهد آثار الجراح الكثيرة في مفترق أنحاء جسده علي شجاعته ورغبته في الموت في سبيل الله، حتي إنه لشدة حبه في الاستشهاد أطلق علي أولاده السبعة أسماء شهداء متمنيا لهم نفس المصير.
وكان جديرا بأن يبشره النبي- صلي الله عليه وسلم- بالجنة ويكون محل ثقة عمر بن الخطاب فيجعله من أصحاب الشوري الستة الذين وكِّل إليهم أمر اختيار الخليفة من بعده وأن يقبل علي بن أبي طالب سيفه بعد موته وهو يبكي ويقول: "سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله".
عبادة بن الصامت
"بايعنا رسول الله علي ألا نخاف في الله لومة لائم"..هكذا تحدث وهكذا عاش الصحابي الجليل "عبادة بن الصامت" واسمه غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري الخزرجي وكنيته أبو الوليد ،لا يخاف في الله لومة لائم.
سارع بالدخول إلي الإسلام مع عشرة رجال من الأنصار في بيعة العقبة الأولي وشهد البيعة الثانية وكان نقيبا لأهله وشهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله _صلي الله عليه وسلم.
نزل القرآن يحيي موقفه وولاءه في الآية: "ومن يتولي الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون" وذلك عندما ألغي عهدا قديما له مع يهود بني قينقاع بسبب عدوانهم علي الرسول- صلي الله عليه وسلم- والمسلمين قائلا:"إنما أتولي الله ورسوله والمؤمنين"
ليصبح هذا الرجل ليس نقيبا لأهله فقط وإنما نقيبا من نقباء الدين الإسلامي علي مر العصور.
لم يحب السلطة أو تغره المناصب لأنه فهم أنها تكليف ومسئولية وليست تشريفا ورفاهية، وذلك حين سمع رسول الله _ صلي الله عليه وسلم_ يوما يتحدث عن مسئولية الأمراء والولاة والمصير الذي ينتظر من يفرط منهم في حق فأقسم بالله ألا يكون أميرا ولو علي شخصين وبر بقسمه حتي وفاته علي أرض فلسطين في العام الرابع والثلاثين من الهجرة حيث ولي أمر القضاء فيها لبعض الوقت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب_رضي الله عنه_ ليكون أول قاض في فلسطين، وكان قد سافر إلي الشام مع معاذ بن جبل وأبي الدرداء لتعليم الناس أمور الدين وتفقيههم فيه وعندما عاد إلي المدينة تاركا فلسطين بسبب خلاف مع حاكمها معاوية سأله عمر بن الخطاب_رضي الله عنه_: مالذي جاء بك إلي هنا؟" فلما قص عليه قال له عمر:"ارجع إلي مكانك فقبح الله أرضا ليس فيها مثلك"، وأرسل إلي معاوية يقول: "لا امرة لك علي عبادة". وذلك الموقف حرصا من عمر علي إحاطة معاوية ذي الطموح الجامح بصحابي ورع وزاهد وناصح مخلص وهو نفسه الذي قال في حق عبادة_ رضي الله عنه_ بأنه يوازي ألف رجل عندما أرسله مداداً لعمرو بن العاص لفتح مصر.
وكان عبادة بن الصامت أيضا من أوائل الذين جمعوا القرآن في عهد الرسول_ صلي الله عليه وسلم.
المقداد بن عمرو
هل تريد أن تعرف رجلا أحبه الله تعالي وأمر رسوله_ صلي الله عليه وسلم_ أن يحبه؟.. هو "المقداد بن عمرو" أو "المقداد بن الأسود" حيث تبناه "الأسود بن يغوث" في الجاهلية حتي نزلت آية تحريم التبني فنسب لأبيه "عمرو بن سعد".. كان من المبكرين في الإسلام ومن أول سبعة جاهروا بإسلامهم وأعلنوه حاملا نصيبه من أذي قريش في ثبات وجلد.
أطلق كلمات كالرصاص يوم بدر تهلل لها وجه الرسول_صلي الله عليه وسلم_ واشتعل بها حماس جيش المسلمين فخاضوا المعركة ببسالة وانتصروا وكان فرسان الجيش يومئذ ثلاثة فقط هم "المقداد بن عمرو" و"الزبير بن العوام" و"مرثد بن أبي مرثد" والباقي إما مشاة أو يركبون إبلا.
قال يومها: "يا رسول الله ..امض لما أراك الله فنحن معك..والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسي :اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون..بل نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون..ولنقاتلن عن يمينك وعن يسارك وبين يديك ومن خلفك حتي يفتح الله لك".
هذه الكلمات ود جميع الصحابة لو أنها وردت علي ألسنتهم هم، فيقول عبد الله بن مسعود_رضي الله عنه: "لقد شهدت من المقداد مشهداً لأن أكون صاحبه أحب إلي مما في الأرض جميعا".
كلمات لا تصور شجاعة فحسب بل تصور حكمة راجحة وتفكيراً عميقاً وكذلك كان المقداد حكيماً في القول والفعل، فعندما ولاه الرسول_ صلي الله عليه وسلم_ إحدي الإمارات يوما ولما رجع سأله:كيف وجدت الإمارة؟ فأجاب في صراحة وصدق مع الله ومع الرسول ومع النفس: "لقد جعلتني أنظر إلي نفسي كما لو كنت فوق الناس وهم جميعاً دوني، والذي بعثك بالحق لا أتأمرن علي اثنين بعد اليوم أبداً".
كان _رضي الله عنه_ فارسا مقداماً _ بألف رجل كما وصفه عمر بن الخطاب عندما بعث به مداداً لجيش المسلمين في فتح مصر_ فلم يكن تسمع في المدينة فزعة إلا ويكون المقداد في لمح البصر ممتطياً فرسه مجهزاً سيفه واقفاً علي باب رسول الله_صلي الله عليه وسلم_ وكان يكرر قولاً سمعه من الرسول ووضعه مبدأ لحياته :"إن السعيد لمن جنب الفتن".
مسلمة بن مخلد
هو رابع من وصفهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بأن الواحد منهم بألف رجل.. مسلمة بن مخلد بن صامت بن نيار بن لوذان بن عبدود بن زيد بن ثعلبة ابن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة أبو معن وكنيته أبو سعيد و أبو نعيم.
ولد عندما قدم الرسول_ صلي الله عليه وسلم_ ومعه المهاجرون إلي المدينة المنورة وعندما توفي الرسول_ صلي الله عليه وسلم_ كان لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره إلا أن صغر سنه لم يمنعه من التزود من نور النبوة.
شارك في فتح مصر وكان علي رأس الجيش في عهد عمر بن الخطاب وولاه معاوية بن أبي سفيان ولاية مصر بعد عزل عقبة بن عامر الجهني في سنة 47 هجرياً، وهو أول من جمعت له مصر والمغرب وذلك في خلافة معاوية وبداية خلافة يزيد بن معاوية. وتوفي بمصر سنة 62 هجرياً ولما ولي مسلمة مصر انتظمت غزواته في البر والبحر، منها غزوة القسطنطينية رغم أنه لم يحضرها، إلا أنه مهد لمعاوية غزوها .
وهو أول من بني المنار بالمساجد والجوامع .
وكانت ولايته علي مصر خمس عشرة سنة وأربعة أشهر .من أشهر أقواله : " يا أهل مصر ما نقمتم مني والله لقد زدت مددكم وعددكم وقوتكم علي عدوكم، اعلموا أني خير ممن بعدي والذي نفسي بيده لا يأتينكم زمان إلا الآخر فالآخر شر فمن استطاع منكم أن يتخذ نفقاً في الأرض فليفعل".

عمرو بن معد يكرب
قبيل معركة القادسية طلب قائد الجيش سعد بن أبي وقاص مددًا من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليستعين به علي حرب الفرس، فأرسل أمير المؤمنين إلي سعد رجلين فقط، وقال في رسالته لسعد:"إني أمددتك بألفي رجل".هذان الرجلان هما: عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد.
الأول عمرو بن معد يكرب الزبيدي وكنيته أبو ثور، من أمراء قبيلة زبيد وهو أيضا شاعر اشتهر بالشجاعة والفروسية حتي لُقِّبَ بفارس العرب.
حين سمع بأمر النبي _صلي الله عليه وسلم_ ذهب إلي المدينة وحده بعد أن رفض صديقه قيس بن مكشوح الذهاب معه ليقابلا النبي ويعرفا هل هو رسول حقيقي أم لا، ونزل علي سعد بن عبادة، فأكرمه وراح به إلي النبي فأسلم. وقيل: إنه قدم المدينة في وفد من قومه زبيد وأسلموا جميعًا.
وكان عمرو بن معد الزبيدي طويل القامة قوي البنية، حتي إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيه : الحمدالله الذي خلقنا وخلق عمرو. «تعجباً من عظم خلقه»
شارك في معارك الفتح الإسلامي في الشام والعراق وشهد معركة اليرموك والقادسية حيث أظهر بطولة عظيمة فيهما ففي معركة اليرموك حارب بشجاعة وثبات حتي انتصر المسلمون، أما في القادسية والذي يعد مداداً فيها بألف رجل فلم يخيِّب ظن أميرالمؤمنين وبدأ بمهاجمة الأعداء ومن بعده جيش المسلمين وكان يعلمهم فنون القتال أثناء المعركة ويقول لهم "افعلوا هكذا" فيفعلون مثله حتي تحقق لهم النصر.
أما في معركة نهاوند وحين استعصي فتحها علي المسلمين أرسل عمر بن الخطاب إلي النعمان بن مقرن قائد الجيش قائلاً: استشر واستعن في حربك بطليحة وعمرو بن معد يكرب وبالفعل قاتل عمرو بقوة واستشهد ودفن بإحدي قري نهاوند.
المراجع:
_ أسد الغابة في معرفة الصحابة - ابن الأثير.
_ الإصابة في تمييز الصحابة - ابن حجر العسقلاني.
_ رجال حول الرسول - خالد محمد خالد.

طلحة بن عبيد الله


اليوم السابع اليوم السابع : 15 - 09 - 2008

طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ عَمْرٍو التَّيْمِى
أَحَدُ العَشَرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ عَنِ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
كَانَ مِمَّنْ سَبَقَ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأُوْذِى فِى اللهِ، ثُمَّ هَاجَرَ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ غَابَ عَنْ وَقْعَة بَدْرٍ فِى تِجَارَةٍ لَهُ بِالشَّامِ، وَتَأَلَّمَ لِغَيْبَتِهِ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَهْمِهِ، وَأَجره.
كَانَتْ يَدُهُ شَلاَّءَ مِمَّا وَقَى بِهَا رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ.
يوم أحد
قَالَ ابْنُ أَبِى خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِى وَقَى بِهَا النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُدٍ شَلاَّءَ.
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَوَلَّى النَّاسُ، كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى نَاحِيَةٍ، فِى اثْنَى عَشَرَ رَجُلاً، مِنْهُم طَلْحَةُ، فَأَدْرَكَهُمُ المُشْرِكُوْنَ.
فَقَالَ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ لِلْقَوْمِ؟).
قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا.
قَالَ: (كَمَا أَنْتَ).
فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا.
قَالَ: (أَنْتَ).
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا المُشْرِكُوْنَ.
فَقَالَ: (مَنْ لَهُمْ؟).
قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا.
قَالَ: (كَمَا أَنْتَ).
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا.
قَالَ: (أَنْتَ).
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِى مَعَ نَبِى اللهِ طَلْحَةُ.
فَقَالَ: (مَنْ لِلْقَوْمِ؟).
قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا.
فَقَاتَلَ طَلْحَةُ قِتَالَ الأَحَد عَشَر، حَتَّى قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ.
فَقَالَ: حَسِّ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ قُلْتَ: بِاسْمِ اللهِ، لَرَفَعَتْكَ المَلاَئِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُوْنَ).
ثُمَّ رَدَّ اللهُ المُشْرِكِيْنَ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ رَأَيْتَنِى يَوْمَ أُحُدٍ وَمَا قُرْبِى أَحَدٌ غَيْرَ جِبْرِيْلَ عَنْ يَمِيْنِى، وَطَلْحَةَ عَنْ يَسَارِى).
عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ إِسْحَاقَ بِنْتَى طَلْحَةَ، قَالَتَا:
جُرِحَ أَبُوْنَا يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعاً وَعِشْرِيْنَ جِرَاحَةً، وَقَعَ مِنْهَا فِى رَأْسِهِ شَجَّةٌ مُرَبَّعَةٌ، وَقُطِعَ نِسَاهُ -يَعْنِى العِرْقَ- وَشُلَّتْ أُصْبُعُهُ، وَكَانَ سَائِرُ الجِرَاحِ فِى جَسَدِهِ، وَغَلَبَهُ الغَشْيُ، وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكْسُوْرَة رَبَاعِيَتُهُ، مَشْجُوْجٌ فِى وَجْهِهِ، قَدْ عَلاَهُ الغَشْيُ، وَطَلْحَةُ مُحْتَمِلُهُ يَرْجعُ بِهِ القَهْقَرَى، كُلَّمَا أَدْرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ، قَاتَلَ دُوْنَهُ، حَتَّى أَسْنَدَهُ إِلَى الشِّعْبِ.
شهيد يمشى على قدمين
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيْدٍ يَمْشِى عَلَى رِجْلَيْهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ).
عَنْ مُوْسَى وَعِيْسَى ابْنَى طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيْهِمَا:
أَنَّ أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالُوا لأَعْرَابِى جَاءَ يَسْأَلُهُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ: مَنْ هُوَ؟
وَكَانُوا لاَ يَجْتَرِؤُوْنَ عَلَى مَسْأَلَتِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوَقِّرُوْنَهُ، وَيَهَابُوْنَهُ.
فَسَأَلَهُ الأَعْرَابِيُّ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ إِنِّى اطَّلَعْتُ مِنْ بَابِ المَسْجِدِ -وَعَلَى ثِيَابٌ خُضْرٌ-.
فَلَمَّا رَآنِى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (أَيْنَ السَّائِلُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ؟).
قَالَ الأَعْرَابِيُّ: أَنَا.
قَالَ: (هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ).
عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ يَمْشِى عَلَى الأَرْضِ، قَدْ قَضَى نَحْبَهُ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ).
عن على رضى الله عنه
سَمِعْتُ مِنْ فِى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ جَارَاى فِى الجَنَّةِ).
طلحة الخير
ابْتَاعَ طَلْحَةُ بِئْراً بِنَاحِيَةِ الجَبَلِ، وَنَحَرَ جزُوْراً، فَأَطْعَمَ النَّاسَ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنْتَ طَلْحَةُ الفَيَّاضُ).
عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ سَمَّاهُ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: طَلْحَةَ الخَيْرَ، وَفِى غَزْوَةِ ذِى العَشِيْرَةِ: طَلْحَةَ الفَيَّاضَ، وَيَوْمَ خَيْبَرَ: طَلْحَةَ الجُوْدَ.
عَنْ مُوْسَى، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ أَتَاهُ مَالٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ سَبْعُ مَائَةِ أَلْفٍ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ يَتَمَلْمَلُ.
فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: مَا لَكَ؟
قَالَ: تَفَكَّرْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ، فَقُلْتُ: مَا ظَنُّ رَجُلٍ بِرَبِّهِ يَبِيْتُ وَهَذَا المَالُ فِى بَيْتِهِ؟
قَالَتْ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ بَعْضِ أَخِلاَّئِكَ؟ فَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَادْعُ بِجِفَانٍ وَقِصَاعٍ، فَقَسِّمْهُ.
فَقَالَ لَهَا: رَحِمَكِ اللهُ، إِنَّكِ مُوَفَّقَةٌ بِنْتُ مُوَفَّقٍ، وَهِى أُمُّ كُلْثُوْم بِنْتُ الصِّدِّيْقِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ، دَعَا بِجِفَانٍ، فَقَسَّمَهَا بَيْنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِى مِنْهَا بِجَفْنَةٍ.
فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: أَبَا مُحَمَّدٍ! أَمَا كَانَ لَنَا فِى هَذَا المَالِ مِنْ نَصِيْبٍ؟
قَالَ: فَأَيْنَ كُنْتِ مُنْذُ اليَوْم؟ فَشَأْنُكِ بِمَا بَقِيَ.
قَالَتْ: فَكَانَتْ صُرَّةً فِيْهَا نَحْوُ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وجَاءَ أَعْرَابِى إِلَى طَلْحَةَ يَسْأَلُهُ، فَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِرَحِمٍ.
فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ لَرَحِمٌ مَا سَأَلَنِى بِهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، إِنَّ لِى أَرْضاً قَدْ أَعْطَانِى بِهَا عُثْمَانُ ثَلاَثَ مَائَةِ أَلْفٍ، فَاقْبَضْهَا، وَإِنْ شِئْتَ بِعْتُهَا مِنْ عُثْمَانَ، وَدَفَعْتُ إِلَيْكَ الثَّمَنَ.
فَقَالَ: الثَّمَن. فَأَعْطَاهُ.
عَنْ طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، حَدَّثَتْنِى جَدَّتِى سُعْدَى بِنْتُ عَوْفٍ المُرِّيَّةُ، قَالَتْ:
دَخَلْتُ عَلَى طَلْحَةَ يَوْماً وَهُوَ خَاثِرٌ.
فَقُلْتُ: مَا لَكَ، لَعَلَّ رَابَكَ مِنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، وَنِعْمَ حَلِيْلَةُ المُسْلِمِ أَنْتِ، وَلَكِنْ مَالٌ عِنْدِى قَدْ غَمَّنِي.
فَقُلْتُ: مَا يَغُمُّكَ؟ عَلَيْكَ بِقَوْمِكَ.
قَالَ: يَا غُلاَمُ! ادْعُ لِى قَوْمِي، فَقَسَّمَهُ فِيْهِم.
فَسَأَلْتُ الخَازِنَ: كَمْ أَعْطَى؟
قَالَ: أَرْبَعَ مَائَةِ أَلْفٍ.
موقعة الجمل
لَمَّا خَرَجَ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَائِشَةُ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، عَرَّجُوا عَنْ مُنْصَرَفِهِمْ بِذَاتِ عِرْقٍ، فَاسْتَصْغَرُوا عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَرَدُّوْهُمَا.
قَالَ: وَرَأَيْتُ طَلْحَةَ، وَأَحَبُّ المجَالِسِ إِلَيْهِ أَخْلاَهَا، وَهُوَ ضَارِبٌ بِلِحْيَتِهِ عَلَى زَوْرِهِ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنِّى أَرَاكَ وَأَحَبُّ المجَالِسِ إِلَيْكَ أَخْلاَهَا، إِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ هَذَا الأَمْرَ فَدَعْهُ.
فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةَ! لاَ تَلُمْنِي، كُنَّا أَمْسِ يَداً وَاحِدَةً عَلَى مَنْ سِوَانَا، فَأَصْبَحْنَا اليَوْمَ جَبَلَيْنِ مِنْ حَدِيْدٍ، يَزْحَفُ أَحَدُنَا إِلَى صَاحِبِهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنِّى شَيْءٌ فِى أَمْرِ عُثْمَانَ مِمَّا لاَ أَرَى كَفَّارَتَهُ إِلاَّ سَفْكَ دَمِي، وَطَلَبَ دَمِهِ.
والَّذِى كَانَ مِنْهُ فِى حَقِّ عُثْمَانَ تَمَغْفُلٌ وَتَأْليبٌ، فَعَلَهُ بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ عِنْدَمَا شَاهَدَ مَصْرَعَ عُثْمَانَ، فَنَدِمَ عَلَى تَرْكِ نُصْرَتِهِ -رَضِى اللهُ عَنْهُمَا- وَكَانَ طَلْحَةُ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ عَلِيّاً، أَرْهَقَهُ قَتَلَةُ عُثْمَانَ، وَأَحْضَرُوهُ حَتَّى بَايَعَ.
استشهاده
التَقَى القَوْمُ يَوْمَ الجَمَلِ، فَقَامَ كَعْبُ بنُ سُورٍ مَعَهُ المُصْحَفُ، فَنَشَرَهُ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَنَاشَدَهُمُ اللهَ وَالإِسْلاَمَ فِى دِمَائِهِمْ، فَمَا زَالَ حَتَّى قُتِلَ.
وَكَانَ طَلْحَةُ مِنْ أَوَّلِ قَتلٍ.
وَذَهَبَ الزُّبَيْرُ لِيَلْحَقَ بِبَنِيْهِ، فَقُتِلَ.
عَنْ عَوْفٍ، حَدَّثَنِى أَبُو رَجَاءَ، قَالَ:
رَأَيْتُ طَلْحَةَ عَلَى دَابَّتِهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: أَيُّهَا النَّاسُ أَنْصِتُوا، فَجَعَلُوا يَرْكَبُوْنَهُ وَلاَ يُنْصِتُونَ.
فَقَالَ: أُفٍّ! فَرَاشُ النَّارِ، وَذُبابُ طَمَعٍ.
عَنْ حَكِيْمِ بنِ جَابِرٍ قَالَ:
قَالَ طَلْحَةُ: إِنَّا دَاهَنَّا فِى أَمْرِ عُثْمَانَ، فَلاَ نَجِدُ اليَوْمَ أَمْثَلَ مِنْ أَنْ نَبْذُلَ دِمَاءنَا فِيْهِ، اللَّهُمَّ خُذْ لِعُثْمَانَ مِنِّى اليَوْمَ حَتَّى تَرْضَى.
عَنْ قَيْسٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ مَرْوَانَ بنَ الحَكَمِ حِيْنَ رَمَى طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ بِسَهْمٍ، فَوَقَعَ فِى رُكْبَتِهِ، فَمَا زَالَ يَنْسَحُّ حَتَّى مَاتَ.
رَأَى عَلِى طَلْحَةَ فِى وَادٍ مُلْقَى، فَنَزَلَ، فَمَسَحَ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: عَزِيْزٌ عَلَىَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بِأَنْ أَرَاكَ مُجَدَّلاً فِى الأَوْدِيَةِ تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ، إِلَى اللهِ أَشْكُو عُجَرِى وَبُجَرِي.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: مَعْنَاهُ: سَرَائِرِى وَأَحْزَانِى الَّتِى تَمُوجُ فِى جَوْفِي.

سعد بن أبى وقاص


اليوم السابع اليوم السابع : 10 - 09 - 2008

سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ مَالِكِ بنِ أُهَيْبٍ الزُّهْرِيُّ
وَاسْمُ أَبِي وَقَّاص هوٍ: مَالِكُ بنُ أُهَيْبِ
أَحَدُ العَشَرَةِ، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَأَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْراً وَالحُدَيْبِيَةَ وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى.
إسلامه
كان سعد بن أبى وقاص من أوائل من أسلم بالله ورسوله
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: سَمِعْتُ سَعْداً يَقُوْلُ:
مَا أَسْلَمَ أَحَداً فِي اليَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَ لَيَالٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ.
ثورة أمه
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ: أَنَّ سَعْداً قَالَ:
نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِيَّ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا}
قَالَ: كُنْتُ بَرّاً بِأُمِّي، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ، قَالَتْ:
يَا سَعْدُ! مَا هَذَا الدِّيْنُ الَّذِي قَدْ أَحْدَثْتَ؟ لَتَدَعَنَّ دِيْنَكَ هَذَا، أَوْ لاَ آكُلُ، وَلاَ أَشْرَبُ حَتَّى أَمُوْتَ، فَتُعَيَّرَ بِي، فَيُقَالُ: يَا قَاتِلَ أُمِّهِ.
قُلْتُ: لاَ تَفْعَلِي يَا أُمَّهُ، إِنِّي لاَ أَدَعُ دِيْنِي هَذَا لِشَيْءٍ.
فَمَكَثَتْ يَوْماً لاَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ وَلَيْلَةً، وَأَصْبَحَتْ وَقَدْ جُهِدَتْ.
فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ: يَا أُمَّهُ! تَعْلَمِيْنَ - وَالله - لَوْ كَانَ لَكِ مَائَةُ نَفْسٍ، فَخَرَجَتْ نَفْساً نَفْساً، مَا تَرَكْتُ دِيْنِي، إِنْ شِئْتِ فَكُلِي أَوْ لاَ تَأْكُلِي.
فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ، أَكَلَتْ.
أول سهم فى الإسلام
قَالَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ:
وَإِنِّي لأَوَّلُ المُسْلِمِيْنَ رَمَى المُشْرِكِيْنَ بِسَهْمٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقَ السَّمُرِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ، ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الإِسْلاَمِ، لَقَدْ خِبْتُ إِذَنْ وَضَلَّ سَعْيِي.
عَنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ: سَعْدٌ، وَإِنَّهُ مِنْ أَخْوَالِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً فِيْهَا سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى جَانِبٍ مِنَ الحِجَازِ، يُدْعَى: رَابِغٍ، وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الجُحْفَةِ، فَانْكَفَأَ المُشْرِكُوْنَ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، فَحَمَاهُمْ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ بِسِهَامِهِ، فَكَانَ هَذَا أَوَّلُ قِتَالٍ فِي الإِسْلاَمِ.
فَقَالَ سَعْدٌ:
أَلاَ هَلْ أَتَى رَسُوْلَ اللهِ أَنِّي * حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي
فَما يَعتَدُّ رَامٍ فِي عَدُوٍّ * بِسَهْمٍ يَا رَسُوْلَ اللهِ قَبْلِي
(إرم فداك أبى و أمى)
عَنْ بَعْضِ آلِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ: أَنَّهُ رَمَى يَوْمَ أُحُدٍ.
قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنَاوِلُنِي النَّبْلَ وَيَقُوْلُ: (ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي).
حَتَّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُنِي السَّهْمَ مَا لَهُ مِنْ نَصْلٍ، فَأَرْمِي بِهِ.
قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: كَانَ سعد جَيِّدَ الرَّمْي، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: جَمَعَ لِي رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ.
قَالَ عَلِيٌّ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدٍ.
عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ: سَمِعْتُهَا تَقُوْل: أَنَا ابْنَةُ المُهَاجِرِ الَّذِي فَدَاهُ رَسُوْلُ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ بِالأَبَوَيْنِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ: لَقَدْ رَأَيْتُ سَعْداً يُقَاتِلُ يَوْمَ بَدْرٍ قِتَالَ الفَارِسِ فِي الرِّجَالِ.
مكانته عند رسول الله
عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ، قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَنَا؟
قَالَ: (سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ وُهَيْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافِ بنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعنَةُ اللهِ).
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
أَرِقَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ
فَقَالَ: (لَيْتَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ).
قَالَتْ: فَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (مَنْ هَذَا؟).
قَالَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ! جِئْتُ أَحْرُسُكَ.
فَنَامَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيْطَهُ.
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مَالِكٍ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ).
قُلْتُ: لأَنَّ أُمَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زُهْرِيَّةٌ، وَهِيَ: آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، ابْنَةُ عَمِّ أَبِي وَقَّاصٍ.
قَالَ سَعْدٌ بن أبى وقاص: اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُوْدُنِي، فَمَسَحَ وَجْهِي وَصَدْرِي وَبَطْنِي، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً).
فَمَا زِلْتُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَجِدُ بَرْدَ يَدِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ- عَلَى كَبِدِي حَتَّى السَّاعَةَ.
رجل من أهل الجنة
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
كُنَّا جُلُوْساً عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَدْخُلُ عَلَيْكُم مِنْ هَذَا البَابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ).
فَطَلَعَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
الدعوة المجابة
عَنْ قَيْسٍ، أَخْبَرَنِي سَعْدٌ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ إِذَا دَعَاكَ).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: (اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لِسَعْدٍ) ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
عَنْ إِسْحَاقَ بنِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي:
أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَحْشٍ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: أَلاَ تَأْتِي نَدْعُو اللهَ – تَعَالَى -؟
فَخَلَوْا فِي نَاحِيَةٍ، فَدَعَا سَعْدٌ، فَقَالَ:
يَا رَبّ! إِذَا لَقِيْنَا العَدُوَّ غَداً، فَلَقِّنِي رَجُلاً شَدِيْداً بَأْسُهُ، شَدِيْداً حَرَدُهُ، أَقَاتِلُهُ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي الظَّفَرَ عَلَيْهِ حَتَّى أَقْتُلَهُ، وَآخُذَ سَلَبَهُ، فَأَمَّنَ عَبْدَ اللهِ.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي غَداً رَجُلاً شَدِيْداً بَأْسُهُ، شَدِيْداً حَرَدُهُ، فَأُقَاتِلُهُ وَيقَاتِلُنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي وَأُذُنِي، فَإِذَا لَقِيْتُكَ غَداً قُلْتَ لِي: يَا عَبْدَ اللهِ! فِيْمَ جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنَاكَ؟
فَأَقُوْلُ: فِيْكَ وَفِي رَسُوْلِكَ.
فَتَقُوْلُ: صَدَقْتُ.
قَالَ سَعْدٌ: كَانَتْ دَعْوَتُهُ خَيْراً مِنْ دَعْوَتِي، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ، وَإِنَّ أَنْفَهُ وَأُذُنَهُ لَمُعَلَّقٌ فِي خَيْطٍ.
عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، قَالَ:
شَكَا أَهْلُ الكُوْفَةِ سَعْداً إِلَى عُمَرَ، فَقَالُوا:
إِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّي.
فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِم صَلاَةَ رَسُوْلِ اللهِ صَلاَتَي العَشِيِّ، لاَ أَخْرِمُ مِنْهَا، أَرْكُدُ فِي الأُوْلَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ.
فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ.
فَبَعَثَ رِجَالاً يَسْأَلُوْنَ عَنْهُ بِالكُوْفَةِ، فَكَانُوا لاَ يَأْتُوْنَ مَسْجِداً مِنْ مَسَاجِدِ الكُوْفَةِ إِلاَّ قَالُوا خَيْراً، حَتَّى أَتَوْا مَسْجِداً لِبَنِي عَبْسٍ.
فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو سعدَةَ: أَمَا إِذْ نَشَدْتُمُوْنَا بِاللهِ، فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَسِيْرُ بِالسَّرِيَّةِ.
فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ يَتَعَرَّضُ لِلإِمَاءِ فِي السِّكَكِ، فَإِذَا سُئِلَ كَيْفَ أَنْتَ؟
يَقُوْلُ: كَبِيْرٌ مَفْتُوْنٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ.
ويروى أَنَّ سَعْداً خَطَبَهُمْ بِالكُوْفَةِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! أَيُّ أَمِيْرٍ كُنْتُ لَكُم؟
فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُكَ لاَ تَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَلاَ تَقْسِمُ بِالسَّوِيِّةِ، وَلاَ تَغْزُو فِي السَّرِيَّةِ.
فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَعَجِّلْ فَقْرَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ.
قَالَ: فَمَا مَاتَ حَتَّى عَمِيَ، فَكَانَ يَلْتَمِسُ الجُدُرَاتِ، وَافْتَقَرَ حَتَّى سَأَلَ، وَأَدْرَكَ فِتْنَةَ المُخْتَارِ، فَقُتِلَ فِيْهَا. خَرَجَتْ جَارِيَةٌ لِسَعْدٍ، عَلَيْهَا قَمِيْصٌ جَدِيْدٌ، فَكَشَفَتْهَا الرَّيْحُ، فَشَدَّ عُمُرُ عَلَيْهَا بِالدِّرَّةِ، وَجَاءَ سَعْدٌ لِيَمْنَعَهُ، فَتَنَاوَلَهُ بِالدِّرَّةِ.
فَذَهَبَ سَعْدٌ يَدْعُو عَلَى عُمَرَ، فَنَاوَلَهُ الدِّرَّةَ، وَقَالَ: اقْتَصَّ.
فَعَفَا عَنْ عُمَرَ.
عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ:
أَنَّ رَجُلاً نَالَ مِنْ عَلِيٍّ، فَنَهَاهُ سَعْدٌ، فَلَمْ يَنْتَهِ، فَدَعَا عَلَيْهِ، فَمَا بَرِحَ حَتَّى جَاءَ بَعِيْرٌ نَادٌّ، فَخَبَطَهُ حَتَّى مَاتَ.
القادسية
وَمِنْ مَنَاقِبِ سَعْدٍ أَنَّ فَتْحَ العِرَاقِ كَانَ عَلَى يَدَيْ سَعْدٍ، وَهُوَ كَانَ مُقَدَّمَ الجُيُوْشِ يَوْمَ وَقْعَةِ القَادِسِيَّةِ، وَنَصَرَ اللهُ دِيْنَهُ.
وَنَزَلَ سَعْدٌ بِالمَدَائِنِ، ثُمَّ كَانَ أَمِيْرَ النَّاسِ يَوْمَ جَلُوْلاَءَ، فَكَانَ النَّصْرُ عَلَى يَدِهِ، وَاسْتَأْصَلَ اللهُ الأَكَاسِرَةَ.
وَكَانَ فِي جَسَدِ سَعْدٍ قُرُوْحٌ، فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِعُذْرِهِ عَنْ شُهُوْدِ القِتَالِ.
ودخل سعد بن أبي وقاص إيوان كسرى وصلى فيه ثماني ركعات صلاة الفتح شكراً لله على نصرهم.
إمارة العراق
وبعد هذا النصر الكبير ولاه عمر بن الخطاب على العراق
ولكن أهل الكوفة اشتكوه إلى عمر بن الخطاب
عن جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ لِسَعْدٍ: قَدْ شَكَوْكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلاَةِ.
قَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَمُدُّ فِي الأُوْلَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ، وَمَا آلُو مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ كَذَاكَ الظَّنُّ بِكَ.
الشورى
عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ عُمَرَ:
أَنَّهُ لَمَّا أُصِيْبَ، جَعَلَ الأَمْرَ شُوْرَى فِي السِّتَّةِ، الذين مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض وأحدهم سعد بن أبي وقاص.
وَقَالَ عمر: مَنِ اسْتَخْلَفُوْهُ فَهُوَ الخَلِيْفَةُ بَعْدِي، وَإِنْ أَصَابَتْ سَعْداً، وَإِلاَّ فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ الخَلِيْفَةُ بَعْدِي، فَإِنَّنِي لَمْ أَنْزَعْهُ - يَعْنِي: عَنِ الكُوْفَةِ - مِنْ ضَعْفٍ وَلاَ خِيَانَةٍ.
الفتنة
اعتزل سعد بن أبى وقاص الفتنة ونأى بنفسه ودينه عنها ولم يكن مع أى الفريقين فلا حضر الجَمَلَ ولا صِفِّيْنَ ولا التحكيم، ولقد كان أهلاً للإمامة كبير الشأن رضى الله عنه وأرضاه.
عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
نُبِّئْتُ أَنَّ سَعْداً قَالَ: مَا أَزْعُمُ أَنِّي بِقَمِيْصِي هَذَا أَحَقُّ مِنِّي بِالخِلاَفَةِ، جَاهَدْتُ وَأَنَا أَعْرَفُ بِالجِهَادِ، وَلاَ أَبْخَعُ نَفْسِي إِنْ كَانَ رَجُلاً خَيْراً مِنِّي، لاَ أُقَاتِلُ حَتَّى يَأْتُوْنِي بِسَيْفٍ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ، فَيَقُوْلَ: هَذَا مُؤْمِنٌ، وَهَذَا كَافِرٌ.
عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ:
أَنَّ أَبَاهُ سَعْداً كَانَ فِي غَنَمٍ لَهُ، فَجَاءَ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ.
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ، قَالَ: يَا أَبَةِ أَرَضِيْتَ أَنْ تَكُوْنَ أَعْرَابِياً فِي غَنَمِكَ، وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُوْنَ فِي الملْكِ بِالمَدِيْنَةِ.
فَضَرَبَ صَدْرَ عُمَرَ وَقَالَ: اسْكُتْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ، الغَّنِيَّ، الخَفِيَّ).
وروى أَنَّهُ جَاءهُ ابْنُهُ عَامِرٌ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! أَفِي الفِتْنَةِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَكُوْنَ رَأْساً؟ لاَ وَاللهِ، حَتَّى أُعْطَى سَيْفاً، إِنْ ضَرَبْتُ بِهِ مُسْلِماً نَبَا عَنْهُ، وَإِنْ ضَرَبْتُ كَافِراً قَتَلَهُ.
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الغَنِيَّ، الخَفِيَّ، التَّقِيَّ).
عَنْ حُسَيْنِ بنِ خَارِجَةَ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، أَشْكَلَتْ عَلَيَّ الفِتْنَةُ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَرِنِي مِنَ الحَقِّ أَمْراً أَتَمَسَّكُ بِهِ.
فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ، فَهَبَطْتُ الحَائِطَ، فَإِذَا بِنَفَرٍ، فَقَالُوا: نَحْنُ المَلاَئِكَةُ.
قُلْتُ: فَأَيْنَ الشُّهَدَاءُ؟
قَالُوا: اصْعَدِ الدَّرَجَاتِ.
فَصَعَدْتُ دَرَجَةً، ثُمَّ أُخْرَى، فَإِذَا مُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيْمُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمَا - وَإِذَا مُحَمَّدٌ يَقُوْلُ لإِبْرَاهِيْمَ: اسْتَغْفِرْ لأُمَّتِي.
قَالَ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُم أهْرَقُوا دِمَاءهُم، وَقَتَلُوا إِمَامَهُم، أَلاَ فَعَلُوا كَمَا فَعَلَ خَلِيْلِي سَعْدٌ؟
قَالَ: قُلْتُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا، فَأَتَيْتُ سَعْداً فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، فَمَا أَكْثَرَ فَرحاً، وَقَالَ:
قَدْ خَابَ مَنْ لَمْ يَكُنْ إِبْرَاهِيْمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - خَلِيْلَهُ.
قُلْتُ: مَعَ أَيِّ الطَّائِفَتَيْنِ أَنْتَ؟
قَالَ: مَا أَنَا مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟
قَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ غَنَمٍ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَاشْتَرِ غَنَماً، فَكُنْ فِيْهَا حَتَّى تَنْجَلِي.
دَخَلَ سَعْدٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِلقب أمير المؤمنين.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ شِئْتَ أَنْ تَقُوْلَ غَيْرَهَا لَقُلْتَ.
قَالَ: فَنَحْنُ المُؤْمِنُوْنَ، وَلَمْ نُؤَمِّرْكَ، فَإِنَّكَ مُعْجَبٌ بِمَا أَنْتَ فِيْهِ، وَاللهِ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي عَلَى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، وَأَنِّي هَرَقْتُ مِحْجَمَةَ دَمٍ.
وفاته
عَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ:
كَانَ رَأْسُ أَبِي فِي حجْرِي، وَهُوَ يَقْضِي، فَبَكَيْتُ.
فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! مَا يُبْكِيْكَ؟
قُلْتُ: لِمَكَانِكَ، وَمَا أَرَى بِكَ.
قَالَ: لاَ تَبْكِ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يُعَذِّبُنِي أَبَداً، وَإِنِّي مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
قُلْتُ: صَدَقَ وَاللهِ، فَهَنِيْئاً لَهُ.
وروى أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ لَمَّا احْتُضِرَ، دَعَا بِخَلَقِ جُبَّةِ صُوْفٍ، فَقَالَ:
كَفِّنُوْنِي فِيْهَا، فَإِنِّي لَقِيْتُ المُشْرِكِيْنَ فِيْهَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَإِنَّمَا خَبَأْتُهَا لِهَذَا اليَوْمِ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
لَمَّا مَاتَ سَعْدٌ، وَجِيْءَ بِسَرِيْرِهِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهَا، جَعَلت تَبْكِي وَتَقُوْلُ:
بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
النُّعْمَانُ بنُ رَاشِدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ:
كَانَ سَعْدٌ آخِرَ المُهَاجِرِيْنَ وَفَاةً.

على بن أبى طالب


اليوم السابع اليوم السابع : 08 - 09 - 2008

إسلامه
سبب إسلامه أنه دخل على النبى صلى اللّه عليه وسلم ومعه خديجة رضى اللّه عنها، وهما يصليان سواء، فقال: ما هذا؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "دين اللّه الذى اصطفاه لنفسه وبعث به رسوله، فأدعوك إلى اللّه وحده لا شريك له، وإلى عبادته والكفر باللات والعزى".
فقال له علىٌّ: هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم، فلستُ بقاضٍ أمراً حتى أحدث أبا طالب.
وكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يفشى سره قبل أن يستعلن أمره، فقال له: "يا عليّ! إن لم تُسلم فاكتم هذا". فمكث على ليلته، ثم إن اللّه تعالى هداه إلى الإسلام، فأصبح غادياً إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأسلم على يديه، وكان على رضى اللّه عنه يخفى إسلامه خوفاً من أبيه، إلى أن اطلع عليه وأمره بالثبات عليه فأظهره حينئذٍ، أما أبو طالب فلم يرض أن يفارق دين آبائه، وتقول الشيعة: إنه أسلم فى آخر حياته. عن أنس بن مالك قال: بُعث النبى صلى اللّه عليه وسلم يوم الاثنين، وأسلم على يوم الثلاثاء، وهو ابن عشر سنين، وقيل: تسع، ولم يعبد الأوثان قط لصغره
ليلة الهجرة
قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكة بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة، ينتظر مجىء جبريل عليه السلام وأمْرَه له يخرج من مكة بإذن اللّه له فى الهجرة إلى المدينة، حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبى وأرادوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما أرادوا، أتاه جبريل عليه السلام وأمره أن لا يبيت فى مكانه الذى يبيت فيه، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على بن أبى طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتسجَّى بِبُرد له أخضر ففعل، ثم خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على القوم وهم على بابه، وتتابع الناس فى الهجرة، وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يُفتن فى دينه على بن أبى طالب. ولما أمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يضطجع على فراشه قال له: إن قريشاً لم يفقدونى ما رأوك، فاضطجع على فراشه.
وكانت قريش تنظر إلى فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيرون عليه عليّاً فيظنونه النبى صلى اللّه عليه وسلم، حتى إذا أصبحوا رأوا عليه عليّاً. فقالوا: لو خرج محمد لخرج بعلى معه، فحبسهم اللّه بذلك عن طلب النبى حين رأوا عليّاً.
هجرته إلى المدينة
قال على رضى اللّه عنه: "لما خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة فى الهجرة أمرنى أن أقيم بعده حتى أؤدى ودائع كانت عنده للناس، ولذا كان يسمى الأمين، فأقمت ثلاثاً فكنت أظهر ما تغيبت يوماً واحداً. ثم خرجت فجعلت أتبع طريق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى قدمت بنى عمرو بن عوف ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مقيم، فنزلت على كلثوم بن الهِدم، وهنالك منزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم".
خرج على رضى اللّه عنه قاصداً المدينة، فكان يمشى الليل ويُكمن النهار حتى قدم المدينة، فلما بلغ النبى صلى اللّه عليه وسلم قدومُه قال: "ادعوا لى عليّاً". قيل: يا رسول اللّه لا يقدر أن يمشى، فأتاه النبى صلى اللّه عليه وسلم، فلما رآه اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم، وكانتا تقطران دماً، فتَفَل النبى صلى اللّه عليه وسلم فى يديه ومسح بهما رجليه ودعا له بالعافية، فلم يشتكهما حتى استشهد رضى اللّه تعالى عنه.
أبو تراب
دخل علىٌّ على فاطمة ثم خرج من عندها فاضطجع فى المسجد، ثم دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على فاطمة، فقال لها: "أين ابنُ عمك؟" فقالت: هو ذاك مضطجع فى المسجد، فجاءه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فوجده قد سقط رداؤه عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول: "اجلس أبا تراب"، فواللّه ما سمَّاه به إلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وواللّه ما كان له اسم أحبَّ إليه منه.
غزواته فى سبيل الله
شهد على رضى اللّه عنه الغزوات مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فكان له شأن عظيم، وأظهر شجاعة عجيبة، وأعطاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، اللواء فى مواطن كثيرة.
فى غزوة بدر الكبرى، كان أمام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رايتان سوداوان، إحداهما مع على يقال لها (العقاب) والأخرى مع الأَنصار. وأمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يبارز فى هذه الغزوة الوليدَ بن عتبة، فبارزه وقتله وكان من أشد أعداء رسول اللّه.
وفى غزوة أحد قام طلحة بن عثمان فقال: يا معشر أصحاب محمد! إنكم تزعمون أن اللّه يعجلنا بسيوفكم إلى النار ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يعجله اللّه بسيفى إلى الجنة، أو يعجلنى بسيفه إلى النار؟؟
فقام إليه على بن أبى طالب رضى اللّه عنه فقال: والذى نفسى بيده، لا أفارقك حتى أعجلك بسيفى إلى النار، أو تعجلنى بسيفك إلى الجنة، فضربه على فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته. فقال: أنشدك اللّه والرحم يا ابن عم، فتركه، فكبَّر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقال لعلى أصحابُه: ما منعك أن تجهز عليه؟ قال: إن ابن عمى ناشدنى حين انكشفت عورته فاستحييتُ منه.
وفى غزوة خيبر أعطى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اللواء، عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه فرجعوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يجبنه أصحابه ويجبنهم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لأعطين اللواء غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله، ويحبه اللّه ورسوله" فلما كان من الغد تطاول لها أبو بكر وعمر فدعا عليّاً، وهو أرمد فتفل فى عينيه وأعطاه اللواء.
وأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليّاً والزبير بن العوام فى أثر المرأة التى أعطاها حاطب بن أبى بلتعة كتاباً إلى قريش وذلك لمَّا أجمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المسير إلى مكة. فخرجا وأدركاها بالحليفة فاستنزلاها فالتمسا فى رحلها فلم يجدا شيئاً. فقال لها على بن أبى طالب: إنى أحلف ما كذب رسول اللّه، ولا كذبنا، ولتُخْرِجِنَّ إلى هذا الكتاب أو لنكشفنك، فلما رأت الجدَّ منه، قالت: أعرض عني، فأعرض عنها. فحلَّت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منه. فدفعته إليه، فجاء به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
وكان على رضى اللّه عنه ممن ثبت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى غزوة حنين حين انهزم المسلمون كما ثبت فى غزوة أحد، وفى غزوة تبوك خلَّف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على بن أبى طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم. فأرجف المنافقون بعلى وقالوا: ما خلَّفه إلا استثقالاً له وتخففاً منه. فلما قال ذلك المنافقون أخذ على سلاحه، ثم خرج حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو بالجُرْف - موضع على ثلاثة أميال من المدينة - فقال: يا نبى اللّه زعم المنافقون أنك لمَّا خلفتنى أنك استثقلتنى وتخففت منى. فقال: "كذبوا ولكنى إنما خلفتك لما ورائى فارجع فاخلفنى فى أهلى وأهلك. أفلا ترضى يا على أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبى بعدى "فرجع على إلى المدينة ومضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على سفره.
منزلته عند رسول الله
من الأحاديث التى وردت فى فضل على بن أبى طالب كرم الله وجهه
"اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه".‏
" على منى وأنا من عليٍّ"
"أنت أخى فى الدنيا والآخرة"
"من آذى عليّاً فقد آذانى".
"من أحب عليّاً فقد أحبنى، ومن أحبنى فقد أحب اللّه، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضنى، ومن أبغضنى فقد أبغض اللّه"‏.
"على مع القرآن، والقرآن مع عليٍّ، لا يفترقان حتى يردا الحوض"‏.
قضاؤه
عن أنس رضى اللّه عنه، عن النبى صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "أقْضَى أمَّتى عليٌّ". وعن عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه قال: أقضانا على بن أبى طالب. وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعليٍّ: "تختصم الناسَ بسبع، ولا يحاجك أحد من قريش، أنت أولهم إيماناً باللّه، وأوفاهم بعهد اللّه، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم فى الرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم عند اللّه مزية".
عن على رضى اللّه عنه قال: بعثنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى اليمن قاضياً وأنا حديث السنِّ. فقلت: يا رسول اللّه تبعثنى إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لى بالقضاء.
قال: "إن اللّه سيَهدى لسانك، ويثبت قلبك". قال: فما شككت فى قضاء بين اثنين، وفى رواية: "إن اللّه يثبت لسانك، ويَهدى قلبك" ثم وضع يده على فمه. وبعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى اليمن، فوجد أربعة وقعوا فى حفرة حفرت ليصطاد فيها الأسد، سقط أولاً رجل فتعلق بآخر، وتعلق الآخر بآخر حتى تساقط الأربعة فجرحهم الأسد وماتوا من جراحته، فتنازع أولياؤهم حتى كادوا يقتتلون.
فقال عليٌّ: أنا أقضى بينكم فإن رضيتم فهو القضاء، وإلاَّ حجزت بعضكم عن بعض حتى تأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليقضى بينكم. اجمعوا من القبائل التى حفروا البئر ربع الدية وثلثها ونصفها ودية كاملة، فللأول ربع الدية لأنه أهلك من فوقه، وللذى يليه ثلثها لأنه أهلك من فوقه، وللثالث النصف لأنه أهلك من فوقه، وللرابع الدية كاملة، فأبوا أن يرضوا. فأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلقوه عند مقام إبراهيم فقصُّوا عليه القصة. فقال: "أنا أقضى بينكم" - واحتبى ببردة - فقال رجل من القوم: إن عليّاً قضى بيننا، فلما قصوا عليه القصة أجازه.
صدقته و زهده و تواضعه
عن عمَّار بن ياسر رضى اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعليٍّ: "إن اللّه قد زيَّنك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب منها، هى زينة الأبرار عند اللّه، الزهد فى الدنيا. فجعلك لا ترزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منك شيئاً، ووصب لك المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعاً ويرضون بك إماماً".
وعن على عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "يا عليّ، كيف أنت إذا زهد الناس فى الآخرة ورغبوا فى الدنيا، وأكلوا التراث أكلاً لَمّاً، وأحبوا المال حبّاً جمّاً، واتخذوا دين اللّه دَغَلاً، ومال اللّه دُوَلاً؟".
قلت: أتركهم حتى ألحق بك إن شاء اللّه تعالى.
قال: "صدقت، اللّهم افعل ذلك به".
أذن بلال بصلاة الظهر فقام الناس يصلون فمن بين راكع وساجد وسائل يسأل. فأعطاه على خاتمه وهو راكع فأخبر السائل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقرأ علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، الَّذِينَ يُقِيْمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُوْنَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُوْنَ}
اشترى على رضى اللّه عنه تمراً بدرهم فحمله فى ملحفته فقيل له: يا أمير المؤمنين ألا نحمله عنك؟ قال: أبو العيال أحق بحمله.
وعوتب فى لباسه، فقال: ما لكم وللباسى! هذا هو أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدى به المسلم.
خلافته
لما استشهد عثمان رضى الله عنه، سنة (35 ه) بايعه الصحابة والمهاجرين والأنصار وأصبح رابع الخلفاء الراشدين، يعمل جاهداً على توحيد كلمة المسلمين وإطفاء نار الفتنة، وعزل الولاة الذين كانوا مصدر الشكوى.
ذهبت السيدة عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى مكة المكرمة لتأدية العمرة فى شهر محرم عام 36 هجرى، ولما فرغت من ذلك عادت إلى المدينة، وفى الطريق علمت باستشهاد عثمان واختيار على بن أبى طالب خليفة للمسلمين، فعادت ثانية إلى مكة حيث لحق بها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضى الله عنهما، وطالب الثلاثة الخليفة بتوقيع القصاص على الذين شاركوا فى الخروج على الخليفة عثمان رضى الله عنه، وكان من رأى الخليفة الجديد عدم التسرع فى ذلك، والانتظار حتى تهدأ نفوس المسلمين، وتستقر الأوضاع فى الدولة الإسلامية، غير أنهم لم يوافقوا على ذلك واستقر رأيهم على التوجه إلى البصرة، فساروا إليها مع أتباعهم.
معركة الجمل
خرج الخليفة من المدينة المنورة على رأس قوة من المسلمين على أمل أن يدرك السيدة عائشة رضى الله عنها، ويعيدها ومن معها إلى مكة المكرمة، ولكنه لم يلحق بهم، فعسكر بقواته فى (ذى قار) قرب البصرة، وجرت محاولات للتفاهم بين الطرفين ولكن الأمر لم يتم، ونشب القتال بينهم وبذلك بدأت موقعة الجمل فى شهر جمادى الآخرة عام 36 هجرى، وسميت بذلك نسبة إلى الجمل الذى كانت تركبه السيدة عائشة رضى الله عنها خلال الموقعة، التى انتهت بانتصار قوات الخليفة، وقد أحسن على رضى الله عنه استقبال السيدة عائشة وأعادها إلى المدينة المنورة معززة مكرمة، بعد أن جهزها بكل ما تحتاج إليه، ثم توجه بعد ذلك إلى الكوفة فى العراق، واستقر بها، وبذلك أصبحت عاصمة الدولة الإسلامية
مواجهة معاوية
قرر على بن أبى طالب رضى الله عنه (بعد توليه الخلافة)، عزل معاوية بن أبى سفيان عن ولاية الشام، غير أن معاوية رفض ذلك، كما امتنع عن مبايعته بالخلافة، وطالب بتسليم قتلة عثمان رضى الله عنه ليقوم معاوية بإقامة الحد عليهم، فأرسل الخليفة إلى أهل الشام يدعوهم إلى مبايعته، وحقن دماء المسلمين، ولكنهم رفضوا, فقرر المسير بقواته إليهم وحملهم على الطاعة، وعدم الخروج على جماعة المسلمين، والتقت قوات الطرفين عند (صفين) بالقرب من الضفة الغربية لنهر الفرات، وبدأ بينهما القتال يوم الأربعاء (1 صفر عام 37 هجرى).
وحينما رأى معاوية أن تطور القتال يسير لصالح على وجنده، أمر جيشه فرفعوا المصاحف على ألسنة الرماح، وقد أدرك الخليفة خدعتهم وحذر جنوده منها وأمرهم بالاستمرار فى القتال، لكن فريقاً من رجاله، اضطروه للموافقة على وقف القتال وقبول التحكيم، بينما رفضه فريق آخر وفى رمضان عام 37 هجرى اجتمع عمر بن العاص ممثلاً عن معاوية وأهل الشام، وأبو موسى الأشعرى عن على وأهل العراق، واتفقا على أن يتدارسا الأمر ويعودا للاجتماع فى شهر رمضان من نفس العام، وعادت قوات الطرفين إلى دمشق والكوفة، فلما حان الموعد المتفق عليه اجتمعا ثانية، وكانت نتيجة التحكيم لصالح معاوية.
الخوارج
أعلن فريق من جند على رفضهم للتحكيم بعد أن أجبروا عليا رضى الله عنه على قبوله، وخرجوا على طاعته، فعرفوا لذلك باسم الخوارج، وكان عددهم آنذاك حوالى اثنى عشر ألفاً، حاربهم الخليفة وهزمهم فى معركة النهروان عام 38 هجرى، وقضى على معظمهم، ولكن تمكن بعضهم من النجاة والهرب وأصبحوا منذ ذلك الحين مصدر كثير من القلاقل فى الدولة الإسلامية.
استشهاده
اجتمع ثلاثة رجال: عبد الرحمن بن مُلجم، والبُرك بن عبد اللّه، وعمرو بن بكر التميمى فتذاكروا أمر الناس وعابوا على ولاتهم، ثم ذكروا أهل النهر فترحموا عليهم وقالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئاً. فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد وثأرنا بهم إخواننا.
فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم على بن أبى طالب وكان من أهل مصر.
وقال البُرك بن عبد اللّه: أنا أكفيكم معاوية بن أبى سفيان.
وقال عمرو بن بكر: أنا أكفيكم عمرو بن العاص.
فتعاقدوا وتواثقوا باللّه لا ينكص رجل منا عن صاحبه الذى توجَّه إليه حتى يقتله أو يموت دونه.
فأخذوا أسيافهم فسمُّوها واتعدوا لسبع عشرة تخلو من رمضان أن يثب كل واحد منهم على صاحبه الذى توجَّه إليه. وأقبل كل رجل منهم إلى المصر الذى فيه صاحبه الذى يطلب.
فأما ابن ملجم المرادى فكان عداده فى كندة، فخرج فلقى أصحابه بالكوفة وكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئاً من أمره، فإنه رأى ذات يوم أصحاباً من تيم الرباب، وكان على قتل منهم يوم النهر عشرة، فذكروا قتلاهم ولقى من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها: قَطام ابنة الشجنة وقد قتل أباها وأخاها يوم النهر، وكانت فائقة الجمال. فلما رآها التبست بعقله، ونسى حاجته التى جاء لها. ثم خطبها. فقالت: لا أتزوجك حتى تشفى لى. قال: وما يشفيك؟
قال: ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة وقتل على بن أبى طالب.
قال: هو مهر لك، فأما قتل على فلا أراك ذكرته لى وأنت تريديننى.
قالت: بلى، التمس غرته؛ فإن أصبت شفيت نفسك ونفسى ويهنأك العيش معى، وإن قُتلتَ فما عند اللّه خير من الدنيا وزينتها وزينة أهلها.
قال: فواللّه ما جاء بى إلى هذا المصر إلا قتل عليٍّ، فلك ما سألت، قالت: إنى أطلب لك من يسند ظهرك ويساعدك على أمرك.
فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له: وَرْدان فكلمته، فأجابها، وأتى ابن ملجم رجلاً من أشجع يقال له: شبيب بن بَجَرة، فقال: هل لك فى شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: قتل على بن أبى طالب، قال: ثكلتك أمك لقد جئت شيئاً إدّاً كيف تقدر على عليٍّ؟ قال: أكمن له فى المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة. شددنا عليه فقتلناه. فإن نجونا شفينا أنفساً وأدركنا ثأرنا، وإن قُتلنا فما عند اللّه خير من الدنيا وما فيها (فقد كان ابن ملجم يحسب أنه بقتل على يتقرَّب إلى اللّه تعالى!!).
قال: ويحك!! لو كان غير على لكان أهون عليَّ. قد عرفت بلاءَه فى الإسلام وسابقته مع النبى صلى اللّه عليه وسلم، وما أجدنى أنشرح لقتله.
قال: أما تعلم أنه قتل أهل النهر العباد الصالحين؟ قال: بلى، قال: فنقتله بمن قتل من إخواننا. فأجابه، فجاءوا قَطام، وهى فى المسجد الأعظم معتكفة فقالوا لها: قد أجمع رأينا على قتل عليٍّ. قالت: فإذا أردتم ذلك فأتونى.
ثم عاد إليها ابن ملجم فى ليلة الجمعة التى قتل فى صبيحتها على سنة 40، فقال: هذه الليلة التى واعدت فيها صاحبى أن يقتل كل واحد منا صاحبه، فدعت لهم بالحرير فعصبتم به وأخذوا أسيافهم وجلسوا مقابل السُّدة التى يخرج منها على (الباب) فلما خرج ضربه شبيب بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب أو الطاق وضربه ابن ملجم على رأسه بالسيف فى قرنه، وهرب وردان حتى دخل منزله فدخل عليه رجل من بنى أبيه، وهو ينزع الحرير عن صدره. فقال: ما هذا الحرير والسيف؟ فأخبره بما كان، وانصرف فجاء بسيفه فعلا به وردان حتى قتله.
وصيته عند وفاته
قد نهى رضى الله عنه عن قتل قاتله أو التمثيل به فقال:
"يا بنى عبد المطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون: قُتل أمير المؤمنين. قُتل أمير المؤمنين. ألا لا يُقتلن إلا قاتلى. انظر يا حسن، إن أنا متُّ من ضربته هذه، فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثل بالرجل، فإنى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إياكم والمثلة ولو أنها بالكلب العقور".
وعندما هجم المسلمون على ابن ملجم ليقتلوه نهاهم على قائلاً :( إن أعش فأنا أولى بدمه قصاصاً أو عفواً، وإن مت فألحقوه بى أخاصمه عند رب العالمين، ولا تقتلوا بى سواه، إن الله لا يحب المعتدين) وحينما طلبوا منه أن يستخلف عليهم وهو فى لحظاته الأخيرة قال لهم:( لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم بأموركم أبصر) واختلف فى مكان قبره, وباستشهاده رضى الله عنه، انتهى عهد الخلفاء الراشد
ين.