- قامت ثورة (25 ) ينايـــــر 2011 م
وقد توحدت الجهود ، وإتفقت الكلمة ، وتحددت الأهداف ، وكان الشعب بكل
طوائفه على قلب رجل واحد .
الآن يوشك العام الثالث من عمر ثورتنا
على الرحيل كسابقيه حزينا آسفا يشكوا الى الله حال مصر وما صارت اليه بأيد
أبنائهـــــــا قبل غيرهم .
قامت الثورة لدفع الظلم بكل صوره ،
وتأكيد الحق وتمكينه ، وكانت فاتورة الحق باهظة الثمن ، حيث لاتزال الأرواح
تزهق ، والدماء تروي الأرض ، والخسائر تتضاعف وتقتطع من اللحم الحي ،
فالنفوس ملتهبة ، والميادين ممتلئة لاتنام ، والجسد الواحد انقسم على نفسه
الى تيارات وأحزاب وجماعات وحركات فيها يغني كل على ليلاه ، وبات الجميع
أمام الجميع متهم ، وتطايرت التهم بكل أصنافهــــــا على كل الرؤوس ، فلم
يسلم منهـــــــا رأس ، حتى كفر البعض بالثورة ، وتندر البعض على ماكان ،
وأصبح الكل في حال يرثى لهـــــا ، لاتسر الصديق ويفرح لهـــــا العدو ،
وجاء اليوم ( وليته ماجاء ) لتمد أمنا ( مصر ) يدهـــــا ذليلة مكسورة
القلب الى الأشقاء طلبا للعون والمساعدة العاجلة لإطعام أبنائهـــــــا
بعدما تعطل الإنتاج أو كاد ، وتجاوزت البطالة سقف العقل ، وشاع الفقر
وإنتشر حتى ضرب بأجنحته كل بيت في مصر .
تفرقت الجهود بعد الإتحاد ، وتبعثرت
الهمم ، وتشتت الطريق ، وتلونت الكلمات بلون الدم ، وأصبحنا أسرى الحناجر
المحتقنة التي لايروي ظمأهــــــا إلا الدم ، والمزيد المزيد منه ، وهي
لاتشبع أبدا ، حتى زبلت الآمال ، وكادت حبال الصبر على طولهـــــا أن تنفذ .
وكما أفرزت الثورة وكشفت عن شباب قدم
روحه ودمه ( طواعية ) قربانا للثورة وأهدافهـــــــا ولإعادة مصر الى مسار
الريادة والتقدم ، كما يحق لهـــــــــا أن تكون ، فقد أظهرت أيضا من
تاجروا بالثورة وأهدافهــــــــا ، وغلبت مصالحهم على مصلحة مصر ، وإتخذوا
من أوجاع الشعب وآلامه شعارا لإحداث المزيد من الإضطرابات لانزال نعاني
منها ، وتوشك أن تقضي على النذر البسيط من الأخضر المتبقي ، كما كشفت عن
حكومات تشكلت ضعيفة وعاجزة تسلمت الفشل كعهدة ، وسلمته كل منها الى التي
تليها ( بأمانة ) بعد أن أضافت اليه ما إستطاعت حتى تجاوز المقطم في
ضخامته وصار الفشل من معالم مصر التي لا تنسى .
كان يمكن لمن ساهموا في شق صف الأمة
وكسر وحدتهــــــــا ( بقصد أو بدون ) وطعنوهـــــــا في إسلامهــــــــا
بعدما تعارضت المصالح ، وإنكشف زيف الوعود وتكسرت على صخرة العجز والفشل ،
وغابت مصر لديهم عن المشهد حتى لفظهم الشعب ، كان يمكن لهم أن يعتبروا
ماحدث كبوة فارس أو هفوة عالم ، ويتداركوا ماوقعوا فيه من خطايا ، ويعيدوا
تنظيم صفوفهم ، وتطهيرهــــــا ، ويستعيدوا ثقة باقي الشعب فيهم ، ويعودوا
من جديد الى الصف دعما لوحدته ، وتأكيدا لحبهم لمصر ، وتقديرا لأرواح
الشهداء ودماء الجرحى ، لكنهـــــا دروس الزمن وعبره التي لايلتفت اليها
أحد إلا بعد فوات الوقت .
لن نبكي كثيرا على اللبن المسكوب فلن
تعيده أنهـــــــــار الدموع ، مطلوب وقبل فوات الآوان إستراحة محارب يتوقف
خلالهــــــــا الجميع لإلتقاط الأنفاس والتأمل فيما حدث ويحدث ، والنظر
بعين العقل الى ما صارت اليه مصر ، وما يجب أن تكون عليه ، فلن يبني مصر
من جديد إلا سواعد شبابها المخلصين ، ولن تقوم إلا على أكتافهم ، ولن نقطع
الأمل فيهم فهم عدة مصر وعتادها وزادها الى المستقبل الواعد .
محمد الشافعي فرعون
الرياض في 5/12/2013 ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق